إعادة فك وتركيب خارطة الدولة

التحدي الذي ينبغي أن يكون على طاولة الحكومة، ليس الحشد من اجل تسجيل اكبر عدد من الناخبين؛ لتبين وتثبت أنها أقوى من المعارضة عددا وعتادا، ولا بإجراء الانتخابات نفسها، فهذه وتلك من الامور المستقرة بالدولة منذ التأسيس، والاختلاف بشأنها لم يفسد للود قضية طوال الوقت، كما أن وقفها خلال الفترة العرفية لم يغير من استقرارها الدستوري.
وحقيقة الأمر أن واجب أي حكومة تسهيل عملية الانتخابات واتاحتها للشعب، وحمايتها من أي غش او تزوير، لا أن تكون عائقاً أمامها او محددة ومتحكمة بنتائجها، حتى وان من حقها بما تعتقد أنها تمثله المشاركة ترشحا بمن تراهم معها، والدعوة إلى انتخابهم، لكن باعتماد أن ذلك لا يعطيها أي حق لاستغلال مقدرات الدولة العامة لغاياتها؛ فالاصل القانوني الدستوري محدد بإتاحة المساواة والعدالة، وليس غير ذلك أبداً.
التحدي الحقيقي امام الحكومة والاجهزة العليا للدولة اهم واخطر بكثير من مسالة الانتخابات، التي يمكن تأجيلها لأجواء افضل واكثر توافقية وتفاهماً وطنياً عليها، إضافة إلى عدم إمكانية اجرائها فعلاً جراء التطورات السياسية والامنية بالمنطقة. والمحدد بالسياق فرض متغيرات اساسية على تركيب نظام حكم جديد في سوريا، وما سوف يترتب جراء ذلك، وكيفية العلاقة معه والاستعداد الفني لها بكل ما تحتاجه من ادوات واستعدادت.
أما الثقة بالاستقرار وعدم فرض تغيرات قسرية على التركيب الاردني العام، وإن هي صحيحة الآن، إلا أنها ثقة مفترضة على اساس استمرار الدعم الامني والمالي للدولة. غير أن هذه المسالة متحركة وسيتم عطفها عند اول مناسبة نحو ما يحقق متغيرا اساسيا واستراتيجيا يوازي ما بعد الحسم في سوريا. وإذا علم أن العدو الاسرائيلي في أحسن حالاته هذه الايام، وأن خيار الدولة الثالثة غير مطروح ابدا على اجندته، وأن السلطة الفلسطينية في أسوأ ظروفها، وستنحني عند أول ترتيب توافق عليه الجامعة العربية لبناء شراكة سياسية مع الاردن، او بحكم ذاتي موسع في اطاره كمطمح اسرائيلي لن يلق المنع وانما الترحاب، فإن مثل هذا المشهد الذي سيعيد رسم الخارطة الاردني ، مع ما يجري الترتيب له بشأن القدس هو التحدي الذي يجب ان يعلن ليكون مسؤولية الجميع، وذلك باعتبار عدم وجود من يعمل هنا مع الآخرين لتمريره.
( السبيل )