حجاب والنفس الأخير!

حين يقول رئيس الوزراء المنشق حجاب انه لا يريد منصباً.. الآن او في المستقبل، فان فراستك تصدق في الرجل الذي يغامر مع 35 فرداً من عائلته في قطع مسافات الدم حتى الحدود الاردنية، ذلك انك امام فلاّح من الجزيرة السورية، وجد نفسه في المكان الخطأ!
في الأيام الاولى لانشقاقه عن النظام، قالت الأنباء انه في الاردن، ووجد الناطق الرسمي الاردني نفسه يكذب الخبر: فهو ليس في الاردن!
وكان واضحاً ان خطة الرجل هي تضليل الامن السوري.. ذلك انه قيل بعد ايام انه وصل الى تركيا، لكنه كان قد وصل الطرة وعمراوة على الحدود الاردنية، وانه كان ينزل «وعربه» ضيفاً على الجيش الحر الذي مرّ به من حوران السورية الى حوران الاردنية!
لقد تابعنا جزءاً مما قاله الرئيس حجاب، في مؤتمره الصحفي، وكان الرجل كانشقاقه.. واضحاً حاسماً يعرف ان النظام ينهار، وانه لا يسيطر على الارض السورية، وان هناك رجالاً صادقين في الجيش، وفي جهاز الدولة من العابرين المرابطين الذين سيحسمون الأمر في النهاية القريبة!
تسمع من اصدقاء النظام السوري هنا، كلاماً حانقاً، غير متوازن بأن الآف المرتزقة يقاتلون في سوريا باسم الجيش الحر، وانه لا جيش حر، ولا ثورة، ولا احتجاج!! وتكاد لا تصدق اذنيك فالوحيدون الذين تم الامساك بهم في دمشق هم خمسون ايرانياً قالت طهران انهم جاءوا حجاجاً!! وآخرون من لبنان جاءوا من طهران عبر تركيا.. ونظنهم كانوا يحجون ايضاً وانت لا تعرف للمسلم ارضاً للحج غير مكة المكرمة، ولا تعرف للشيعي غير النجف وكربلاء في العراق، وعندنا هنا جاء ايرانيون بالآلاف لزيارة قبر جعفر بن ابي طالب نزيل مؤتة وشهيدها، ثم انقطعوا دفعة واحدة فعرفنا ان هذا الحج في مؤتة تم بايعاز سياسي. ولو فرضنا ان الايرانيين واللبنانيين الذين وقعوا في يد الجيش الحر هم فعلاً زوار وحجاج، فانهم يزورون بايعاز مع ان جماعة المعارضة الايرانية عرفوا منهم قادة في الحرس الثوري!
لا فضائيات الجزيرة والعربية وغيرها تصنع ثورة، ولا وجود القاعدة او غيرها توصل نظاماً قمعياً، كالنظام السوري، الى ما وصل اليه من الانهيار، فحلب وريف دمشق ودرعا وحمص وحماه وادلب عصية حتى بعد عام ونصف، وبعد اسابيع طويلة من القتال.
النظام في سوريا اثخن حتى اخذ يسبح في دم سوريا، وصار الوقت الذي يعلن فيه القائد الملهم انه كان فاشلاً، وان ثلاثة وعشرين ألف قتيل يحمل هو وزرهم، وان اهانته التي لا تنسى لجيش سوريا، وهو قائده، كانت الأشد قسوة في العرف الوطني والقومي!
( الراي )