الملك يدعو المؤمنين بالله الى احلال السلام .. والبابا يؤكد من عمان احترامه للاسلام والمسلمين
المدينة نيوز - اكد جلالة الملك عبدالله الثاني وقداسة البابا بندكت السادس عشر على اهمية التعايش بين المسلمين والمسيحيين في العالم ونبذ كل اصوات التطرف التي تحاول وضع الحضارتين الغربية والاسلامية العربية في حالة صدام دائم.
وركزجلالته في خطاب رحب به بضيف الاردن الكبير على ان المؤمنين بالله الواحد من مسلمين ومسيحيين ويهود لدينا اساس اكثر للتفاهم على الاسس والوصايا التي وردت في الكتب السماوية.
وقال جلالة الملك ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال " لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه". مؤكدا ان الاردنيين من مسيحيين ومسلمين متساوون امام القانون وان الايمان يحكم نهجنا وتعاملنا.
وقال جلالته ان الاردن موطن رسالة عمان التي تدعو الى التعاطف والرحمة التي تؤكد على الدور الحيوي للاديان لصون كرامة الانسان ونحن بحاجة لهذا الدور اكثر مما مضى.
واشار جلالته انه انطلاقنا من تراث الاسرة الهاشمية "حرصت شخصيا على المواقع الدينية وبان يكون هناك في المغطس محج للاخوة المسيحيين.
واضاف ان الاردنيين قالوا كلمة سواء بيننا وبينكم وقع عليها قادة وعلماء ومسلمسون.
وخاطب جلالة الملك ضيفه الكبير " نرحب بازالتكم للاساءات التي اضرت بالعلاقات بين المسلمين والمسيحيين وان زيارتكم التاريحية لمسجد الملك الحسين ولقاء علماء الدين يعمق الحوار الذي لا يخاف من نور الحقيقة الذي يعظم قيمنا وروابطنا المشتركة.
وبين جلالته ان من خلال التزامنا بقيمنا المشتركة نعمل على انهاء شبح الصراع على التوصل عبر المفاوضات بمنح الفلسطينين بالدولة وحق الاسرائيلين بالامن وتظل القدس مركز اهتمامنا كثيرا ويعرف الجميع شرف خدمة المواقع المقدسة.
وقال جلالة الملك " صاحبة القداسة باقامتكم بيينا ستؤثر كلماتكم الطيبة في الاردن وسائر دول العالم.
من جهته حيا البابا بندكت السادس عشر الحضور الكريم بقوله " انني اشعر بسعادة كبيرة وانا ازور الملكة الاردنية الهاشمية وهي غنية بمعالم تاريخية واشكر الملك عبدالله الثاني على كلماته الطيبة واوجه له التحية بالذكرى العاشرة لتسلمه سلطاته الدستورية.
وقال في كلمة القاها بمناسبة زيارته الاردن "اني جئت الى الاردن للاماكن المقدس التي صنعت التاريخ وانا سعيد باني سأساعد بوضع حجر الاساس لاقامة كنيستين في المغطس وهذا دليل احترام الاردن للاديان واشكر هذا الانفتاح العظيم".
واضاف البابا " زيارتي الى الاردن وفرت لي كاي اعبر عن احترامي للمسلسمين ودور الملك في زيادرة الوعي للتفهم والقيم التي يطرحها الاسلام ورسالة الاديان المشتركة في عمان، هذه المبادرات النبيلة التي عززت تحالف الحضارة بين الغرب والاسلام في وجه ادعاءات من يروجون للنعنف والصراع.
وعبر البابا عن احترامه للاردن ومواقفه مشيرا الى انه يتصدر الدول المشجعة للحوار من اجل ايجاد حل عاد للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وسعيها لكبح جماح التطرف وجهد جلالة الملك الراحل الحسين في ارساء السلام.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني استقبل البابا بندكت السادس عشر في مطار الملكة عليا، وقد استعرض جلالته وضيفه الكبير حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما.
فيما يلي النص الكامل لكلمة جلالة الملك عبدالله الثاني لدى استقباله قداسة البابا بندكت السادس عشر الذي بدا اليوم الجمعة زيارة الى الاراضي المقدسة في الاردن : صاحب القداسة، يشرفني أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم هنا في الأردن، إنكم تستهلون بزيارتكم لنا رحلة تاريخية في القلب من أرض الإيمان للمسيحيين والمسلمين معا، هنا في الأردن، حيث وجد الإيمان بالله الواحد جذوره الأولى ، هنا، بين أبناء الشعب الأردني، حيث الإيمان بالله في مركز الحياة ذاتها، نشرع أبوابنا لكم.
صاحب القداسة، قبل تسع سنوات، في سنة يوبيل السلام، وقفت في هذا المكان لأحيي سلفكم قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، وأكدنا معاً أهمية التعايش والتناغم بين المسلمين والمسيحيين، ومنذ ذلك الوقت، كشفت الأحداث التي جرت في العالم ضرورة تلك الدعوة وأهميتها، لقد أصبحت أصوات التحريض، والأيديولوجيات الطامحة إلى التقسيم تهدد بالتسبب بمعاناة أكبر، ولذا، ينبغي أن نتصدى لهذه الأصوات لنحمي مستقبل عالمنا، ويجب أن نجدد اليوم التزامنا معاً بقيم الإحترام المتبادل.
ويجب أن نؤسس، هنا والآن، حواراً عالميا جديداًً، قوامه التفاهم والنوايا الطيبة.
ثمة أسس قوية للتناغم بيننا، فهناك على أحد المستويات، إنسانيتنا المشتركة التي تجمعنا في عالم مترابط، لكن هناك بيننا أيضاً، نحن المؤمنين بالله الواحد، أساساً أكثر عمقاً للتفاهم يتمثل في الوصايا التي نصت عليها الكتب المقدسة، الإسلامية والمسيحية واليهودية، أن نحب الله تعالى، وأن يحب المرء جاره، إن هذه المبادىء تظل أساسية ومتلازمة، وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
أصدقائي، يفتخر الأردن بأنه موطن رسالة عمان، التي تبيّن للإنسانية جمعاء دعوة الإسلام إلى التعاطف والرحمة والتسامح، وتؤكد رسالة عمان أيضا الدور الحيوي والإيجابي للأديان في صون الكرامة الإنسانية والتقدم، ونحن بحاجة الآن لهذا الدور أكثر من أي وقت مضى.
يؤمن الأردنيون بأن الإيمان يقترن بالمسؤولية، مسؤولية أن نعيش بسلام، وأن نساعد الفقير ونغيث المحتاج، وأن نرى العدالة تتحقق، ونمنح الأمل للأجيال الشابة، وهذا هو التزام بلدنا ومحور قيم مجتمعنا، إن أبناء شعبنا، مسلمين ومسيحيين ، هم مواطنون متساوون أمام القانون، يشاركون جميعاً في بناء مستقبل بلدهم.
يحكم الإيمان سلوكنا اليومي، ونتمسك بإرثنا الديني ونعلي من شأنه باعتباره وديعة مقدسة، وانطلاقا من تراث أسرتي الهاشمية، حرصت على الحفاظ على مواقعنا الدينية، وعلى الترحيب بالمؤمنين، وقريباً، في موقع المغطس المقدس، سوف يكون هناك مركز حج كاثوليكي، ستباركونه قداستكم، بتدشينه هذا الأسبوع.
إن ترحيبنا بالحجيج هو تعبير عن احترامنا ومساهمتنا في تعزيز القيم الإنسانية النبيلة، وقد عملنا أيضا على تعميق التفاهم الإسلامي- المسيحي، فأطلق الأردنيون مبادرة "كلمة سواء بيننا وبينكم"، ووقع على هذه الوثيقة مفكرون وقادة مسلمون من أنحاء العالم كافة.
صاحب القداسة، إننا نرحب بالتزامكم بإزالة سوء الفهم والانقسامات التي ألحقت الضرر بالعلاقات بين المسيحيين والمسلمين، لقد استقبلتم قداستكم بدفء زائريكم من المفكرين المسلمين وغيرهم، وفي المقابل، فإن زيارتكم التاريخية لمسجد الملك الحسين هذا الأسبوع، ولقاءكم علماء الإسلام، يحظيان بترحيب كل الأردنيين، وآمل بأن نستطيع معاً توسيع الحوار الذي بدأناه، حواراً يقبل بخصوصية هوياتنا الدينية، ولا يخاف من نور الحقيقة، حواراً يعظّم قيمنا وروابطنا المشتركة والعميقة.
أصدقائي، بالتزامنا وقيمنا المشتركة، نقدم خدمة جليلة للأرض المقدسة، حيث ينبغي أن نعمل معاً على إنهاء الصراع عبر التوصل من خلال المفاوضات إلى حل سلمي، يلبي حق الفلسطينيين في الحرية والدولة، وحق الإسرائيليين في الأمن،وتظل القدس مركز اهتمامنا جميعاً.
ويعرف الأردن والكنيسة الكاثوليكية شرف مسؤولية خدمة المواقع المقدسة في القدس الشريف ورعايتها، وعلينا حماية هذه الأماكن المقدسة والحفاظ على هوية القدس، التي يجب أن تظل حرية العبادة فيها مصونة لجميع المؤمنين.
دعونا نساعد، هنا وفي كل مكان، في إيجاد مناخ حقيقي للسلام، بحيث يمكن لكل عائلة أن تتمتع بنعمة الأمن، وبحيث لا يكون أي طفل ضحية للعنف والدمار، وبحيث تدرك كل المجتمعات جدوى التصالح، وبحيث يتحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال ومعاناته، ويمارس حقه بالعيش بحرية وكرامة.
صاحب القداسة، خلال فترة إقامتكم بيننا، ستؤثر كلماتكم الحكيمة والطيبة في حياة الكثيرين، هنا في الأردن، وفي سائر المنطقة والعالم،وفي الأيام القادمة، أتمنى أن نعمل معاً على تعميق العمل من أجل السلام الذي أوصانا به الله سبحانه وتعالى وتكريسه، وبكل هذه الآمال الكبيرة، نرحب بقداستكم في هذا اليوم، ونتمنى لكم طيب الإقامة في الأردن.
وقال أحيي جلالة الملك، وأرفع أسمى العواطف والتحيات لافراد العائلة المالكة وللحكومة وشعب المملكة بأسره، وأحيي الحضور الكريم فيما أباشر زيارتي الأولى للشرق الأوسط منذ انتخابي حبرا على الكرسي الرسولي، وغبطتي عظيمة أن تطأ قدماي أرض المملكة الاردنية الهاشمية، ارض غنية بتاريخها ووطن لحضارات عريقة وعديدة، أرض مشبعة بالمعاني الدينية للمسلمين والمسيحيين واليهود .
واضاف ، أوجه تحيتي إلى الأساقفة الحاضرين وبنوع خاص الأساقفة العاملين في الأردن، وأتهيأ مساء غد للصلاة في كاتدرائية القديس جاورجيس، ونهار الأحد في استاد عمان ، أيها الأساقفة الأعزاء، ومع جمع غفير من مؤمني رعاياكم وأبرشياتكم.
وقال قداسته جئت الأردن زائرا وحاجا لأكرم الأماكن المقدسة التي لعبت دورا بارزا في بعض أحداث مفصلية من تاريخ الكتاب المقدس، ،مشيرا الى ان يوحنا المعمدان في بيت عنيا عبر نهر الأردن بشر وشهد ليسوع واعتمد من يده في مياه النهر الذي أعطى اسمه لهذه الأرض.
واضاف سأزور في الأيام القادمة هذين المكانين المقدسين وسأسعد بمباركة الحجر الأول للكنيستين اللتين ستشيدان في موقع معمودية السيد المسيح ، إن إمكانية أن تبني الجماعة الكاثوليكية في الأردن صروح عبادة عامة، هو دليل احترام للديانة في البلاد، وأود التعبير عن أسمى مشاعر التقدير لهذا الانفتاح العظيم، من المؤكد أن الحرية الدينية حق إنساني أساسي، فأرجو رافعا الصلاة الحارة كي تحترم وتصان الحقوق غير القابلة للتصرف وكرامة كل رجل وإمرأة، ليس في الشرق الأوسط وحسب، بل في أنحاء العالم أجمع.
وقال قداسة البابا "زيارتي للأردن سانحة كبرى كي أعرب عن عميق احترامي للمسلمين وللإشادة بدور جلالة الملك في تعزيز وعي أفضل للقيم المعلنة في الإسلام، ومع مرور أعوام على نشر رسالة عمان ورسالة الأديان المشتركة في عمان، نستطيع القول ان هذه المبادرات النبيلة حصدت نتائج جيدة في تفضيل وتعزيز تحالف حضارات بين العالم الغربي والإسلامي، نافية بالتالي إدعاءات من يروجون لحتمية العنف والصراع، في الواقع، تحتل المملكة الأردنية الهاشمية ومنذ أمد طويل، صدارة المبادرات الطيبة الهادفة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط وفي العالم، في تشجيعها للحوار ما بين الأديان ودعمها لمساعي إيجاد حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفي استضافتها للعراقيين ، وفي سعيها الحثيث لكبح جماح التطرف، لا يسعني تمرير هذه المناسبة من دون التذكير بجهود المغفور له الملك الحسين بن طلال الطليعية من أجل إرساء السلام في المنطقة، إذ يبدو مناسبا جدا أن التقي في المسجد الذي يحمل أسم الملك الراحل علماء الدين المسلمين وأعضاء السلك الدبلوماسي ورؤساء الجامعات، أرجو أن يعود التزامه في حل الصراعات في المنطقة بالثمار المرجوة على جهود تعزيز سلام دائم وعدالة حقيقية لسكان الشرق الأوسط أجمعين.
أيها الأصدقاء الكرام، لقد ناقش المشاركون، في جلسات اللقاء الأول للمنتدى الكاثوليكي الإسلامي الذي انعقد الخريف الماضي في روما، الدور المحوري التي تؤديه وصية المحبة في كل من تقليدَينا الدينيين، آمل بصدق أن تساعد زيارتي هذه وكل المبادرات المنظمة لتعزيز علاقات سليمة بين المسيحيين والمسلمين، على النمو معا في المحبة لله القدير والرحيم، كما وفي المحبة الأخوية المتبادلة.
أشكركم على حفاوة استقبالكم وضيافتكم، فليمنح الله جلالة الملك والملكة العمر المديد، ويبارك الأردن ويهبه ازدهارا وسلاما.