تسهيلات القطاع المصرفي : تزاحم أم تشارك

لقد تطور القطاع المصرفي الأردني اليوم ليصبح الممول الرئيسي للقطاعين العام والخاص والمصدر الأساسي لرأس المال وللمصاريف الرأسمالية والاستثمارية و قد وصل مجموع التسهيلات الممنوحة للقطاعين مع منتصف عام 2012 الى ما يقارب ال 24 مليار دينار وعلى ما يبدو أصبحت البنوك والمؤسسات المالية الملجأ الأخير للقطاع العام قبل الخاص.
ومع ذلك بقيت الفجوة بين الاقتراض الحكومي والخاص كبيرة قبل العام 2004 وكانت الحصة العظمى من نصيب القطاع الخاص الذي استحوذ على خمس وسبعين بالمائة من الائتمان الإجمالي وحينها لم تكن الحكومة قد فكرت بالقطاع المصرفي المحلي كوسيلة تمويل ولم تكن تعلم أنها ستضطر الى اللجوء الى الاقتراض الداخلي كبديل لتمويل نشاطاتها وعلى كل حال ومع مرور الزمن أصبحت الحكومة تزاحم القطاع الخاص على الحجم الإجمالي للتسهيلات وارتفعت حصة الحكومة الى 35% في العام 2012 .
إن واقع الحال له دلالات مختلفة تشير الى درجة التطور التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي الأردني من حيث تطور الخدمات والحجم الاستثماري الضخم, وتشير أيضا على مساهمة القطاع المصرفي في دعم القطاعين الخاص والعام من دون أن يؤثر ذلك أو يؤدي الى تزاحم القطاعين أو أن يؤثر ذلك على أسعار الفائدة السائدة حالياً , لكنها تشير أيضا أنه وفيما لو استمرت معدلات التسارع في نمو حصص القطاع العام والخاص من التمويل الإجمالي وبنفس المعدلات الحالية فإن ذلك يمكن أن ينبئ بما سيحدث في المستقبل فيما لو استمر القطاع العام بالاعتماد على التمويل الآتي من القطاع المصرفي وبنفس نسب التسارع الحالية والتي وصلت الى معدل نمو 14% في العام 2011 مقابل تراجع في حصة القطاع الخاص من التمويل الإجمالي ب5% ولنفس السنة .
إن الاستمرار بتزايد حصة الحكومة على حساب حصة الأفراد والقطاع الخاص ستؤدي الى تراجع الاستثمار والى رفع اسعار الفوائد في المدى الطويل وستؤدي الى إضعاف السلطة النقدية في المحافظة على الاستقرار النقدي في الأردن لذا يتوجب على الحكومة التفكير بشكل جدي في إيجاد بدائل تمويلية داخلية وخارجية لتتجنب مزاحمة القطاع الخاص على التمويل المصرفي. ( الدستور )