جلال النحاس نموذجا

تم نشره الأربعاء 22nd آب / أغسطس 2012 01:03 صباحاً
جلال النحاس نموذجا
اسامة الرنتيسي

إهداء : إلى الذين في عيونهم رمد حتى لا يتحول إلى عمى...
 اليوم يحتضن تراب مأدبا جثمان جلال النحاس.
 وجلال هو الابن الثاني لجريس النحاس، ذاك القروي الذي اضطر يوما لترك شوارع مأدبا، والذهاب إلى بيروت بحثا عن ابنه الذي ترك دراسة الطب وقرر الالتحاق بالثورة الفلسطينية.
 كان جلال أحد الطلاب الأردنيين النجباء الذين غادروا مأدبا ؛ لدراسة الطب في أيام عز الاتحاد السوفيتي، والتحق بجامعة موسكو في العام 1969، وبعد سنتين ترك مشارط المختبرات لينضم إلى الثورة الفلسطينية مقاتلا ملتزما وعسكريا محترفا في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يحدوه الأمل مثل كل الشرفاء ، يساهم في تحرير فلسطين، ليس باعتبارها وقفا إسلاميا فحسب، بل وقفا إنسانيا على كل ذي بصيرة يجد له مكانا في تحريرها.
 وحسب رفاق وأصدقاء جلال فقد كان من أفضل خبراء تصنيع المتفجرات في الثورة الفلسطينية التي شارك في جميع معاركها في بيروت، وكان مسؤولا عن معسكرات التدريب في الجبهة الديمقراطية، وأحد المشرفين على تدريب أبطال العملية الاستشهادية الشهيرة التي قامت بها الجبهة الديمقراطية في 15 نيسان عام 1974 التي عرفت بعملية ترشيحا (معالوت) حيث قتل فيها 73 إسرائيليا.
 زهرة سنوات عمره، قضاها جلال النحاس في صفوف الثورة الفلسطينية، مدافعا عن أحلام جيل آمن بفلسطين قضية وشعبا، ولم تكن في يوم من الأيام قضية محتكرة على شعبها فقط.
 بعد التحولات التي أصابت العالم والمنطقة في بداية التسعينيات عاد جلال إلى مأدبا برفقة عائلته التي كوّنها في بيروت، ليبدأ مرحلة حياتية من جديد كانت صعبة جدا على رجل تعوّد على عيشة المعسكرات، ومتابعة المقاتلين، فكان يقول دائما "شو هالعيشة..." ويترك خياله سارحا في بيروت وأيامها التي لا تنسى.
 جلال النحاس من الرجال الذين قدوا من صخر الصوان عزيمة وإرادة، لم تتمكن منه جميع معارك بيروت، ولا مواجهة الإسرائيليين في معركة بيروت الكبرى، لكن السرطان ـ هذا الوحش القاتل ـ اقترب من جسده الملفوف في سنواته الأخيرة، ورغم العزيمة التي يتمتع بها جلال إلا انه استطاع أن ينهي حياته مريضا مسجى في المستشفى التخصصي.
 منذ فترة أنهى جلال النحاس كتابة يومياته في بيروت، وهي عبارة عن تسجيل واقعي لمرحلة الثورة الفلسطينية في لبنان، وهي مذكرات شخصية، لذاك القروي الذي ترك سهول مأدبا، وجامعات موسكو، عشقا لفلسطين وقضيتها.
 جلال النحاس ابن مأدبا البار، وشقيق الأديب الكبير والمناضل التقدمي سالم النحاس. عليك الرحمة ولروحك هواء فلسطين العليل، وأحلام أبنائها أبناؤك الذين تعلموا دروس الحب والوطنية والتقدمية من أمثالك.
 عليك الرحمة وما بدلت تبديلا.
 


( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات