غابة الدولة أم دولة الغابة
الغابة جزيرة خضراء وسط أرض يابسة ، تعيش منذ ملايين السنين ، بحيواناتها المختلفة، والمتنوعة بألوانها ، وأحجامها، وقوتها ، كاملة العدد والنوع ، محكومة بقانون وضعته الطبيعة لها ، والتي هي أكثر وعياً منا ، هذه الطبيعة قد سنـّت قانوناً يحفظ للجميع العيش ، والإستمرار بالحياة، والتناسل ، وحرية الحركة، وحرية التعبير عن مكنون النفس باستخدام صوتها متى أرادت ، وأعطت لمن يستحق ما يستحق ، وفتحت للكل أبواب الحياة جنباً إلى جنب بغض النظر عن السطوة ، والقوة ،فالنملة تملك قوت يومها ، في الوقت الذي يملك الأسد، والنمر، والفيل قوت يومهم ، والأرنب يحصل على ما يريد ،كما يحصل الطاووس، والنسر ، والعصفور، والكلب كل على مبتغاه ، دون احتكار، ودون حرب معلنة ضد الموارد الطبيعية ، فلا أحد يزاحم أحداً على قوت يومه،ومع مرور ملايين السنين ما زلنا نجد الغابة كاملة متكاملة بأنواعها ، وفصائلها المتنوعة ، لم ينقص من أنواعها أي نوع إلا من وصلته يد الإنسان ، حتى إن قوانيننا الوضعية انتبهت إلى شراستنا ، فكانت جمعيات الرفق بالحيوان التي منعت من السعي البشري في انقراض نوع من أنواع الحيوانات ، أما هم فقد التزموا بقانون الطبيعة وبذلك حافظوا على استمراريتهم، وتواجدهم .
لو افترضنا ضمن مناخات أسطورية عاشها الإنسان منذ قديم الزمان ، وما زال يعيشها ببدائية محزنة ، أن الحيوانات أرادت أن تُـقلد ما نقوم به من مظاهر ديمقراطية كاذبة ، واستوردت فكرة الانتخابات النيابية، والرئاسية فماذا سوف يحصل ؟!
أتوقع أن تكون الحصص موزعة على الجميع ، لأنها تدرك تماماً ما تعلمته من الطبيعة ، أن سر استمرارها نابع من هذا التآلف العجيب بين الجميع ، وأنه عليها أن تبقى بوجودها متكاملة بأنواعها ، وإلا فقدت استمرارها الأزلي ، والذي ما زالت تفاخرنا به .
لا أظن أننا نعيش في غابة، ولا أظن أن الحيوانات سوف ترضى أن تعيش بمفهوم الدولة عندنا ، إننا كلنا كدول عربية مطالبون بإعادة النظر بفكرة الانتخابات ، وآلية تطبيقها ، مطالبون بإعادة النظر بفكرة الكوتة ، وآلية تنفيذها ، وأخيراً أقول لماذا لا يكون لكل فئة عندنا كوتة ، الفلاحون، والمهندسون، والمعلمون، والفنانون، والأطباء، والمهنيون، والكّتـاب ،والعُـمال ،وعن كل فئة يكون التنافس بالمشاركة بين الرجل والمرأة ، فهذه أنواعنا ، وأصنافنا فلنحافظ عليها و حتى لا يبقى النواب من فئة واحدة أصحاب الجيوب المنتفخة.