ما مدى تطور الخدمة الحكومية ؟
عملية تطوير الخدمات الحكومية ما زالت تسير وفق معادلة بطيئة لا تواكب معطيات العصر من نظريات حديثة او تقنيات متطورة او تبسيط للإجراءات الروتينية، فاذا ما تم تتبع سير المعاملات في معظم الأجهزة الرسمية من وزارات ودوائر ومؤسسات يتبين انها ثابتة على ما كانت عليه منذ عقود، من دون تغيير جوهري يختصر الروتين القاتل او يراعي الانتقال بالنظم الإدارية الى مستويات متطورة تتجاوز الكثير من المعوقات التي تثقل كاهل المراجعين الذين يرون في كثير من الاحيان ان الزمن قد توقف ليحول دون تسهيل الأمور عليهم او تذليل الصعوبات المزمنة التي يكابدونها ويفترض ان يتم تجاوزها بأساليب معاصرة ! .
نسبة كبيرة من الاجراءات المطلوبة لانجاز المعاملات الحكومية لا تاخذ في الاعتبار ان بقاء الاحوال على ما هي عليه انما يعني التخلف عن معطيات الادارة الحديثة والابقاء على سلسلة من المراجعات العقيمة التي ترهق الاعصاب وتعمل على تضييع الوقت في الوقوف بين طابور واخر من اجل الحصول على مجرد توقيع او خاتم رسمي، كان يمكن ان يتم منذ اللحظات الاولى اذا ما تم استكمال الشروط لا الانتظار الى نهاية الدوام او حتى الى ايام لاحقة على نظرية "تعال بكرة" ! .
لا شك ان السنوات الاخيرة قد شهدت نوعا من المراجعة لسير المعاملات الروتينية و اعادة النظر في بعض تفاصيلها ، وكان ذلك مشهودا في بعض الدوائر الرسمية التي استطاعت ان تتبنى نظما فعالة تختصر الزمن والوثائق المطلوبة وتطوع الشبكة العنكبوتية لمساعدة المواطنين الذين يحتاجون اليها عن طريق خدمة الحكومة الالكترونية، لكن في المقابل هنالك نسبة كبيرة ايضا من الجهات الحكومية ما زالت تنتهج الاساليب القديمة والعقيمة، مما يجعل من مراجعتها لانجاز معاملة ما هما يجثم على الصدور نتيجة مشقة ومعاناة لا اول لهما ولا اخر ! .
لهذا يعتبر من الاهمية بمكان ما اتخذه مجلس الوزراء مؤخرا من خطوات تجاه تحديث الاجراءات الرسمية باقرار نظام تطوير الخدمات الحكومية الذي يهدف الى رفع مستوى تقديمها من حيث الجودة والوقت والحيثيات والتكاليف ، حيث اعلنت وزارة تطوير القطاع العام انه جاء لتأطير عملية التزام الوزارات والدوائر والهيئات والسلطات والمؤسسات الرسمية والعامة تشريعيا بتحديث الخدمة التي تقدمها للجمهور مع الزامها بالدليل الارشادي للجمهور، على ان تتم متابعة ذلك من خلال تقييم البرامج والمنهجيات والادوات اللازمة لتمكينها من رفع مستوى جودة خدماتها وقياس رأي متلقي الخدمة فيها ! .
إذا ما تزامن ذلك ايضا مع نهج جديد في التعامل مع شكاوى واراء المراجعين التي تتلقاها الصناديق الخاصة بها لتنتقل منها الى سلال المهملات من دون اية مراجعة مهما كانت، فان الخدمة الحكومية يمكن ان تحقق نقلة نوعية طال انتظارها عن طريق جدية التعامل والمتابعة للاقتراحات الواردة من الجمهور، إضافة الى العمل على توعية الموظفين بواجباتهم وتدريبهم على الاليات والادوات والاجراءات المتطورة في التعامل مع المواطنين الذين يراجعونهم، مما يسهم في ارساء معايير حديثة في تقديم الخدمات الرسمية واختصار الاجراءات وتبسيطها الى اعلى مستوى ممكن واحترام حقوق المراجع الذي يستحق خدمة مميزة لا عذابا دون ذنب يواجهه مع كل معاملة رسمية ! .
( العرب اليوم )
