المقاعد محدودة
تلهث الصحف اليومية، وغير اليومية، والفضائيات الأردنية، والمواقع الالكترونية خلف معرفة آخر رقم من أعداد المسجلين للانتخابات البرلمانية ، وكلما ارتفع العدد تزغرد وسائل إعلامنا ، وكأنها قد أحرزت هدفاً في مرمى الطرف الآخر ، أو الأطراف الأخرى كما هو واقع الحال ، وأنا حين أقرأ ما تنشره هذه الصحف استغرب من هذه المتابعة المحمومة للأرقام ، وكأنه لم يبق عندها ما تهتم به غير قضية الأرقام ، والمفاخرة بالرقم ، وبهذه المفاخرة تكون قد حققت كل ما تطمح إليه من عمليات إصلاحية، وحل جميع مشاكل المجتمع الأردني بدأ من البطالة، وانتهاء بزيادة الأسعار ، مروراً بقضايا الفساد والفاسدين التي يُعلن عنها باستحياء .
من حق أي مواطن أن يتساءل : ماذا نسمي تشجيع الحكومة الشعب ممثلة بأصحاب القرار على الإسراع بالتسجيل ، وماذا نسمي تصريحات عشائر بمختلف ألوانها ، وأطيافها بأن التسجيل والمشاركة واجب وطني ، وكأن عدم المشاركة خيانة وطنية ، فلماذا هذا الاتهام المبطن ، وهل نسي الجميع فكرة احترام الرأي الآخر، وهل أصبحت المشاركة فرض واجب ،واستحقاق للحكومة عند المواطن الذي لا يملك أي استحقاق عندها ؟ حتى أصبحنا نشك في براءة العملية الانتخابية القادمة، وطهرها ، بعد أن عانينا الكثير من سلبياتها ، وصورتها المشوهة في الانتخابات السابقة حسب تصريحات ، واعترافات المسؤولين بالتلاعب، والتزوير .
في العادة الشعوب وحدها تطالب بالديمقراطية، وتطالب بمجالس نيابية، وبلدية منتخبة ، وفي العادة الشعوب تُصر على إجراء الانتخابات كمظهر من مظاهر الديمقراطية ، والحرية الشخصية قولاً ، وفعلاً ، في العادة الشعوب تتزاحم ، وتتسابق للتسجيل من أجل استحقاقات الديمقراطية ، فلماذا إذن لا يحدث هذا عندنا ؟ ولماذا التهليل والتكبير ، والتهديد المبطن، والإغراء الشفاف من الحكومة من أجل مساهمة الشعب بالانتخابات ،وهذا كله يُذكرني بإعلانات المدارس الخاصة التي تُهيب بالمواطنين من أجل التسجيل لأن المقاعد محدودة ، وهنا علينا أن نتساءل لماذا يحجم المواطن العادي عن التسجيل ، ولماذا ليست لديه رغبة في المشاركة بالانتخابات ؟ وإذا استطعنا الوصول إلى الجواب علينا أن نُسارع كمسؤولين من أجل المعالجة ، وذلك من أجل وطننا الذي نفخر ونعتز أننا ننتمي إليه ، هذا الوطن الآمن ، بل الأكثر أماناً من أي بلد في المنطقة ، علينا أن نحافظ على مكتسباتنا الوطنية التي حققناها بظل القيادة الهاشمية .
أخيراً أقول : قد تُجبر الحصان على الوصول إلى النهر لكنك لن تستطيع إجباره على الشرب من الماء.