فيلم عن لاجئ عراقي يغير قوانين الهجرة في فرنسا
المدينة نيوز- تنظر فرنسا بتغيير قانون الهجرة فيها بسبب فيلم عن شاب عراقي كردي يحاول اللجوء إلى بريطانيا عبر قطع القنال الانكليزي سباحة.
وتدور أحداث فيلم "أهلاً" في ميناء كاليه بشمال فرنسا التي يثار فيها جدلٌ حول قوانين الهجرة غير الشرعية.
ويروي الفيلم قصة بلال (17 سنة )، الشاب الكردي من شمال العراق، الذي يطلب من مدرب سباحة محلي أعطاءه دروساً في هذه الرياضة تمكنه من قطع القنال الانكليزي وبدء حياة جديدة عند الوصول على الشاطئ في بريطانيا.
ووافق مدرب السباحة، الذي يقوم بدوره في الفيلم الممثل الفرنسي فنسنت لندون،على الأمر بغية إرضاء زوجته اليسارية وإعادتها إليه.
وبعد عرض الفيلم، الذي لاقى استسحاناً في فرنسا، وحصل على جائزة المهرجان الدولي للافلام في برلين هذا العام، بدأ ذلك القانون يفقد التأييد الشعبي الذي كان يحظى به في السابق.
ولم يحرك هذا الفيلم الشارع الفرنسي فقط بل عرض أيضاً تحت قبة البرلمان حيث ناقشه نواب من الحزب الاشتراكي، طالب بعضهم بعدم المساواة بين عصابات تهريب اللاجئين وبين أشخاص عاديين يحاولون مساعدة اللاجئين على دخول بلادهم بدافع الشفقة .
ولم يغير الفيلم موقف وزير الهجرة الفرنسي المتشدد إيريك بيسون الذي أعلن مؤخراً عن رغبته بإقفال معسكر كاليه بحلول نهاية العام الحالي، فقط بسبب الاحراج الذي يسببه للسلطات الفرنسية.
ويشكو سكان كاليه منذ بعض الوقت من وجود المخيم في مدينتهم، إذ طالب رئيس بلديتها الحكومة بمعالجة هذا الامر وكان أن ردت هذه بإعلان إنشاء "مركز الترحيب" بالمهاجرين غير الشرعيين ولكن تأثير ذلك كان محدوداً جداً.
وقالت صحيفة الدايلي مايل البريطانية إن المركز أخفق في اليوم الاول من افتتاحه بالتحقيق في قضية واحدة تتعلق بالمحتجزين فيه.
وقال مراقبون إن السبب في ذلك هو أن معظم اللاجئين هم من بلدان أفريقية أو من العراق أو إيران أو أفغانستان ممن يرغبون بالوصول إلى بريطانيا عبر مرفأ كاليه، مشيرين إلى أن سبب تراجع عدد المهاجرين الذين ينجحون بالوصول إلى بريطانيا هو تشدد سلطات هذا البلد في مراقبة حدودها.
وتشكل الهجرة غير الشرعية موضوعاً ساخناً ليس بالنسبة لفرنسا فقط بل لدول أخرى مثل اسبانيا التي شددت المراقبة على حدودها أيضاً لمنع وصول المهاجرين غير الشرعيين إليها وأبدت استعدادها للتعاون من الدول المتشاطئة معها لمكافحة هذه الظاهرة.
ومن المقرر أن تستمرمناقشة قانون الهجرة المثير الجدل في فرنسا، ويمكن القول باطمئنان إن فيلم " أهلاً" قد حرّك مشاعر الشعب الفرنسي وإن كان ... لدوافع سياسية.
وحصل المخرج الفرنسي رشيد بوغريب، وهو من أصل جزائري، في عام 2006 على إطراء النقّاد بسبب فيلمه " أيام المجد"، وكان ذلك قبل أقل من عام على أعمال الشغب التي اجتاحت الكثير من المدن الفرنسية والتي شارك فيها شبان فرنسيون هاجر آباؤهم إلى فرنسا في أوقات سابقة.
وذكّر بوغريب الفرنسيين في فيلمه بالمئتي ألف جندي من المستعمرات الفرنسية السابقة في شمال أفريقيا الذين ساعدوا على تحرير فرنسا من الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية.
وقال في الفيلم إن راوتب التقاعد التي يحصل عليها هؤلاء الجنود تعادل ثلث ما يكسبه نظراؤهم من الفرنسيين الامر الذي أغضب السيدة الاولى السابقة برناديت شيراك إلى حدّ حثت زوجها الرئيس جاك على إنصافهم.
وفي تلك السنة قررت باريس زيادة رواتب تقاعد الجنود السابقين المنحدرين من أصول شمال أفريقية، فيما يأمل الاشخاص الذين يتمحور حولهم فيلم " أهلاً" أن ينعكس عليهم إيجابا بشكل مماثل.
وقال ليندون الذي قام بدور مدرب السباحة في الفيلم لصحيفة نيويورك تايمز "آمل أن يغير (الفيلم) الاوضاع في فرنسا"، مضيفاً "لا أشارك في فيلم لأسباب سياسية قط ولكن إذا لم يجد هذا المقال طريقه إلى النشر فعلي إذن أن أشكر الفيلم... لأنه سيكون مصدراً للفخر بسبب ما قدمه".
ويجتذب مرفأ كاليه الفرنسي المهاجرين غير الشرعيين لأنه أقرب نقطة إلى الاراضي البريطانية، كما يطل على مضيق دوفر الذي يصل بين بحر الشمال وبين بحر المانش (القنال الإنجليزي ) ويفصل بين فرنسا وبريطانيا ويبلغ عرضه حوالي 32 كم.
ويطلق على معسكر اللاجئين في كاليه اسم "الادغال" لأنه يضم آلاف المهاجرين الذي يراودهم حلم قطع القنال الانكليزي والوصول إلى بريطانيا، وفي حين يحاول كثيرون الوصول إليها عبر القوارب أو الاختباء في شاحنات تعبر القنال الانكليزي في نفق يربط البلدين تحت المياه، فيما يحاول مهاجرونقطع هذه المسافة سباحة.
ويركز فيلم "أهلاً" على قانون فرنسي ُيجرّم كل من يساعد مهاجرين غير شرعيين على دخول فرنسا أو الاقامة فيها أو من يثبت التحقيق تورطه بمثل هذه النشاطات ويعاقب بالسجن فترة تصل إلى خمس سنوات وبغرامة حدها الاقصى حوالي 41 ألف دولار أميركي.
ولا يميز القانون بين الاشخاص الذين يعملون في عصابات تهريب المهاجرين وبين مواطن فرنسي عادي يحاول مساعدة لاجئ على العيش في بلاده بدافع من الشفقة أو.. الاخوة.