همُّك الخاص

يعتبر قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) قاعدة عامة وراسخة في تعامل المسلم مع هموم أمته، فهو لا يعيش بمنأى عما يحدث حوله، وما أكثر هموم المسلمين اليوم! بل أكاد أجزم أنه ما من أمة أكثر من أمة الإسلام هموماً اليوم، فالدماء نازفة والأراضي مغتصبة، والشعوب مهجّرة والفساد سائد ، والنهب قائم وغيرها من هموم تجعل العاقل في حيرة من أمره لما وصلت إليه ( خير أمة أخرجت للناس) وفوق هذا كله تجدنا نزيد همنا هماً ، هل ما يُجرى بفعل فاعل وتآمر متآمر أم بسوء صنيعتنا وقلة تدبيرنا أم بكليهما معاً؟!
وأياً ما كان الأمر فالنتيجة واحدة هي الضياع! وإزاء ذلك كله لا ينبغي أن يشغلنا الهم العام عن الهم الخاص ، وهمُّك الخاص هو الوقوف بين يدي الله تعالى. وأي هم أكبر من هذا الهم بل إني أجزم أن الذين يتخذون القرارات كلها لو خطر ببالهم - ولا أقول لو أشغلهم - الوقوف أمام الله تعالى لاستقامت الأمور كلها.
همك الخاص أن تؤدي ما افترضه الله تعالى عليك فلست معذوراً أن تقول اللهم إني قد شُغلت عن صلاتي بهموم المسلمين في سورية أو اليمن أو مصر وشُغلت عن ذكرك بهموم المسلمين في الصومال وشُغلت عن طاعتك بهموم النواب ونوائب الزمن وشُغلت عن تربية أولادي بهموم الأقصى في فلسطين.
همك الخاص لا يُسأل عنه أحد غيرك ولا ينبغي لشيء أن يتقدمه أو يغلبه، كما لا ينبغي أن يُفهم ان تنعزل عن هموم المسلمين الأخرى ، ولكن المقصود أن تقدم الأهم على المهم وتبدأ بنفسك ذاتها ، وبمن هم تحت يدك من ولد وزوجة - إن كانوا لا يزالون تحت يدك أصلا .
همك الخاص أن تبدأ بتطهير لقمتك وحفظ ولدك وزوجتك. همك الخاص أن تحاسب نفسك على صلاتك وزكاتك . وحسن جوارك ، همك الخاص أن تربي أولادك لا أن تُسمِّنهم فتنشئ جيلاً من الشباب يتمتعون بالرجولة وجيلاً من الفتيات يتمتعن بالأمومة الفاضلة، همك الخاص ألا يبيت أحد يدعو عليك لظلم ظلمته إياه، وحق ضيعته له.
همك الخاص أن تصحح منهجك وطريقك مع الله وخلق الله ودين الله.
إذا أكملت همومك الخاصة وأنجزت المطلوب منك فيها ، وأتقنتها فانطلقْ
بعد ذلك في فضاءات الكون لتحمل همومه!!
أنصحك انجزْ همك الخاص أولاً! .
( العرب اليوم )