مرسي في طهران ... ماذا بعد؟

تم نشره السبت 01st أيلول / سبتمبر 2012 01:05 صباحاً
مرسي في طهران ... ماذا بعد؟
* عريب الرنتاوي

زيارة الرئيس المصري “الاخواني” المنتخب الى طهران، اندرجت في سياق “بروتوكولي” بحت، مرتبط بتسليم رئاسة حركة عدم الانحياز الى نظيره الايراني..لكنها مع ذلك، لم تكن خلواً من المعاني والدلالات السياسية، التي أثارت وما زالت تثير الكثير من التحليلات والتقييمات التي تتباين بتباين مواقف الأطراف ومواقعها على خريطة التحالفات و”المعسكرات” التي تشق المنطقة برمتها، طولاً وعرضاً.

هي الزيارة الأولى لرئيس مصري منذ أزيد من ثلث قرن، وهي تأتي في ذروة محاولات اقليمية (سعودية بخاصة) ودولية (أمريكية بخاصة) محمومة، لاحكام أطواق العزلة المضروبة حول ايران على خلفية برنامجها النووي ودورها الاقليمي، كما أنها جاءت بالضد من النصائح (اقرأ الضغوط) التي بذلتها هذه الأطراف لمنع اتمام الزيارة.

كسرت زيارة مرسي لايران جليد العلاقات الذي ميز العلاقات الثنائية بين البلدين، ويمكن النظر اليها كمحطة هامة على طريق “تطبيع” العلاقات بينهما على الرغم من فجوة الخلافات والتباينات التي باعدت وتباعد ما بينهما...وأحسب أن البلدين قد دخلا في طورٍ جديد لتنظيم خلافاتهما وتعظيم مشتركات المصالح والمنافع المتبادلة.

ايران، أولت وتولي اهتماماً لتطبيع علاقاتها مع مصر...نظرت وتنظر لها كدولة محورية في المنطقة، فعلت ذلك زمن نظام مبارك المخلوع، وكثفت محاولاتها بعد انتصار ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتوجته في الرعاية الخاصة التي خصصتها للرئيس المصري الزائر لعاصمتها.

في المقابل، وبعد سنوات من الصد والرفض، أبدت القيادة المصرية الجديدة استعدادا حذرا لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع ايران...أطلقت مواقف متناقضة ومتفاوتة حيال هذا الملف، ودائماً تحت ضغط مصالح وحسابات متناقضة، بعضها داخلي وأكثرها خارجي متصل بمواقف حلفاء مصر الاقليميين والدوليين من ايران.

واذا كانت زيارة مرسي لطهران قد دللت على “حسم” القيادة المصرية الجديدة لترددها، ما أثار انتقادات، معلنة ومضمرة من قبل بعض دول الخليج وحلفائها، فان اختيار طهران منصة لاطلاق أعنف الانتقادات (غير المسبوقة) للنظام السوري “القمعي” و”الظالم” قد حمل رسائل الى من يعنيهم الأمر، فحواها أن التقارب المصري الايراني لن يفضي الى تخلي القاهرة عن حلفائها التقليديين، أو تراجعها عن مواقفها من الأزمة السورية التي باتت محركاً للتحالفات ومحكاً للحكم على السياسات والمواقف.

يبدو أن مصر في عهدها الجديد، قررت الخروج من مواقع “التابع” و”الدمية” الذي وضعها فيه رئيسها المخلوع ونظامه البائد...ولقد سبق لمرسي ذاته” أن اتخذ من مكة المكرمة، منصة لاطلاق مبادرته حول سوريا، والتي نهضت على فكرة تشكيل “مجموعة اتصال من مصر والسعودية وتركيا”، واضعاً ايران في خانة “عناصر الحل وقواه المُحتملة” بعد أن وصفها حلفاؤه في الرياض والدوحة وواشنطن بأنها جزء من “المشكلة” وعضو فاعل في “معسكر التأزيم”.

لقد أغضب مرسي بزيارته وخطابه ومبادرته، كثيرين، وأسعد كثيرين كذلك...أغضب بعضهم حيناً وعاد لإسعادهم حيناً آخر...واشنطن والرياض غير المرتاحتين للزيارة والمبادرة وللتقارب المصري - الايراني، لا شك سعدتا بخطاب “الحملة على نظام الأسد”، وقد عبر البيت الأبيض عن ذلك صراحة وعلى لسان الناطق الرسمي،أما دمشق وطهران اللتان أسعدتهما الزيارة والمبادرة، فلا شك أن الخطاب غير المسبوق ضد نظام الأسد قد أغضبهما بشدة، وقد عبر وفد دمشق للمؤتمر واعلامها الرسمي عن ذلك بكل وضوح، فيما أملت “لياقات الضيافة” وحسابات التقارب مع مصر، على طهران، ابتلاع غضبها من حملة ضيفها على حليفها...أما الخلاصة من كل هذا وذاك وتلك، فتقول: أن مصر قررت على ما يبدو، شق طريق مستقل، تقرره مصالحها العليا كما يقرأها أساساً الرئيس المنتخبة و”جماعته”.

لا ندري بعد، كيف سينعكس سلوك الرئيس ومواقفه على مبادرته...لا نعرف كيف ستكون مصائر المبادرة المصرية وما هي مآلاتها...لكن مصر المنهمكة والمُنهكة بمشاكلها الداخلية واشكاليات انتقالها الديمقراطي، تبدو سائرة على طريق استعادة دورها القيادي الاقليمي، يبدو أنها ترغب في وضع نفسها فوق “المحاور والأحلاف”، وتصنف دورها كقوة قائدة “عابرة للخنادق” التي تتوزع عليها دول الاقليم المنقسم على ذاته...لكن هذه المهمة، لن تكون أبداً مهمة سهلة، أو نزهة قصيرة، سيما في ظل التركة الثقيلة للنظام البائد.(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات