علي عرسان يكتب : من سيحاسب الأمير الحسن إن ارتكب مخالفة وهو على رأس الحكومة ؟؟
المدينة نيوز - خاص - كتب علي عرسان - : لا مانع دستوريا - من تسلم سمو الامير الحسن دفة حكومة جديدة ، غير أن العرف الدستوري يمنع ذلك .
دائما ننسى أن عرف السياسة المتحركة يختلف من حيث المبدأ مع جمود النصوص الثابتة .
أذكر هنا أن البلاد التي نقل الدستور الأردني عنها والتي تتشابه مع الاردن في نظام الحكم لم يسبق لها أن كسرت الموروث السياسي الحاكم بمثال واحد خول أيا من أعضاء الأسر المالكة بتسلم حكومة لتصبح العائلة هي مرجعية المُلك ومرجعية الحكم ، مع أن الدستور الأردني نص صراحة على أن الملك يحكم من خلال وزرائه ، وبمزيد من التفصيل : فإن أي أمر يصدره الملك لا يعفي الحكومات من أية أخطاء ترتكبها ، بينما يظل الملك معفيا من أي مساءلة ، فكيف سيكون عليه الحال إن كان رئيس الحكومة عم الملك ، أو أحد افراد الأسرة الحاكمة ؟؟ .
اللافت في ما وقف عنده الأردنيون مؤخرا حول أن الملك سيكلف عمه بتشكيل حكومة ، وهو ما استحال إلى حديث طاغ في الصالونات السياسية والإجتماعية ولم يثبت لنا بوجهه الشرعي ، هو ذلك الغياب المتعمد - ربما - لآلية المحاسبة التي وردت في النصوص الدستورية ، ومن هنا يبرز سؤال :
من سيحاسب سمو الأمير على أي خطأ يرتكبه كرئيس حكومة ؟؟ ..
إذا قيل : إن ذلك سهل ، وإن البرلمان بإمكانه ذلك ، فإن سؤالا آخر أكثر دلالة ولربما يكون مفاجأة لقراء هذه السطور ، وهو : كيف سيحاسب سمو الامير في ظل وجود قانون يسمى " قانون العائلة المالكة " وهو قانون صدر في العام 1937 في عهد الامير المرحوم عبد الله بن الحسين ؟؟ .
قانون العائلة المالكة المذكور ، والذي لم يجر عليه إلغاء أو تعديل منذ ذلك التاريخ ، سيقف بالمرصاد لاي محاولة لمحاسبة أو استجواب الأمير تحت القبة أو حتى الذهاب به إلى المحكمة ( ونتحدث هنا افتراضا ) بعد أن اصبح النظر بقضايا الوزراء كالنظر بقضايا العامة بلا تمييز ( بموجب التعديلات الدستورية ) .. ومن هنا ، فإن تسلم الأمير الحسن للحكومة يعني أنه بعيد عن اعتباره رئيس حكومة للأردن من جهة أنه عضو في العائلة المالكة التي لها قانونها الخاص في المحاسبة .
فمثلا : إذا ارتكب أي من أعضاء الأسرة الحاكمة اي مخالفة ، فإن محاسبته لا تتم بموجب القضاء الأردني ، بل بموجب قانون العائلة المالكة المذكور ، والذي يحتم - في هذه الحالة - تحويل عضو العائلة المالكة إلى مجلس خاص بالعائلة يعينه الملك ومن ثم تبدأ محاكمة العضو المعني .
إذن : تسلم سمو الأمير الحسن للحكومة جائز دستوريا ولا مانع فيه أما ممارسته للحكم فيتعارض مع نصوص الدستور " العام " من ناحية تناقضه مع قانون مختلف ، بل نص دستوري مختلف ، وليس من ناحية منع ذلك دستوريا ، ويتطلب الأمر : إما إلغاء قانون العائلة المالكة المذكور أو تعديله ، وإلا فإنه لا يحق لمجلس النواب أو مجلس الأمة عموما محاسبة الأمير - أي أمير - الذي يرتكب مخالفة .
والسؤال الأبرز هنا : هل سيقبل سمو الأمير ذلك في ظل هذه الظروف ، أم أن الأولى أن نأتي بحكومات برلمانية على الأقل كمقدمة للحكومات الحزبية مستقبلا ؟؟ .
سؤال لا يجيب عليه إلا رجل رشيد .
الزميل : علي عرسان