شركاء موائد الفساد .. ؟

تم نشره الأحد 09 أيلول / سبتمبر 2012 12:57 صباحاً
شركاء موائد الفساد .. ؟
المحامي خالد محيسن العموش

المؤسسات , كما البشر لها مراحل تطور ونمو طبيعي وهي أن لم تجد إدارات كفوءة تأخذ بأسباب الوقاية من وصولها إلى حالة الترهل ، ومن ثم الموت الطبيعي فهي – لاشك - تسير بهذا الاتجاه 00 ولعلنا لا نفشي سرا إذا قلنا إن الكثير من مؤسساتنا تعاني من حالة الكهولة التي أخرجتها من دائرة المنافسة ، وحرمتها من تحقيق فعاليتها المنشودة داخل منظومة العمل المتكامل الذي يأخذ بعين الاعتبار حالة التغير البيئي الذي يتطلب تجاوباً مدروساً وعلمياً ، وله سيناريوهاته الموضوعة مسبقاًُ من الإدارات العليا 0
وإذا كان كثير من مؤسساتنا الحكومية قد استسلمت لقدرها في المرور بمراحل العمر المختلفة وصولاً إلى المغادرة ، فان مؤسسة الفساد طرحت نفسها بقوة بيننا لتؤكد أنها مؤسسة فتية ومتجددة الشباب ، إذ أثبتت قدرتها على إنتاج مكوناتها وآلياتها بطريقة عنكبوتية يصعب اختراقها بسهولة 0
وباعتبار إن مؤسسة الفساد لم تطرح في الأسواق على أنها مؤسسة قانونية فأول ما أنجزته لنفسها هو الوسائل اللازمة لتحقيق ذاتها من القانون وابتداع أساليب جديدة للالتفاف عليه ، مما يجعلها في مأمن من الملاحقة والمعاقبة كما يخيل لها 0
ولعله من البديهي والطبيعي والمفهوم إن تبذل مؤسسة الفساد كل جهدها للحفاظ على وجودها وتغلغلها بين المؤسسات جميعها ، إلا أن ما هو غير طبيعي وغير مفهوم أن تكون آليات معالجة الفساد ومواجهته والوقاية منه ، متخلفة أحيانا ، بل تسهم في أحايين أخرى ، سواء عن قصد أو غير قصد ، في إطالة عمر مؤسسة الفساد وتفرع اذرعها في كل مكان ، سواء كانت هذه الأذرع متورطة حقاً في الفساد كجرم أم مغلوب على أمرها تنفذ ، بحكم التقليد أحيانا والتبعية في أكثر الأحيان ، ما يصلها من قرارات وايعازات وأوامر 00
إن أول المناخات التي تستفيد مؤسسة الفساد منها هي غياب قيمة الزمن لدى المؤسسات المعنية بالرقابة والمتابعة وقياس الأداء ، ذلك إن الزمن كقيمة لا يقاس بشكل رقمي ، بل يقاس بعائدية هذا الزمن سواء لجهة تعاظم الإخطار والإضرار أم لجهة فوات الربح على الدولة ، أم لجهة نظرة الجمهور المطلع ، أو العارف ، أو العالم بوجود فساد متروك رغم مرور الوقت ، ورغم رائحته التي تزكم الأنوف 0
ولو أجرينا ، في أي وقت ، بعض استطلاعات الرأي في الشارع الاقتصادي أو الإداري أو حتى في الشارع العادي ، لوجدنا إشارات بالكلمات أو الأصابع إلى مواقع للفساد لا تمس أحياناً , أو تبقى تحت عمليات التفتيش والرقابة اوقاتاً طويلة , وتنتهي في بعض الأوقات إلى لا شيء , أو إلى شيء بسيط لان الارتكابات تموت بفعل التقادم المفتعل 00 ؟!
إن ما ينشأ من إضرار عن صرف النفوذ واستغلال الوظيفة ليس فقط قيمة مالية موجودة ومعترفاً بها 0 بل هناك قيم أخرى غير منظورة تنشأ أحياناً عن تأخر بعض الوزارات والموسسات والادارات والموظفين عمداً عن ممارسة واجبات ومهام في انتظار عروض أفضل وخيارات أكثر ربحية لجيوبهم , وليس للدولة 0
تحت عناوين إدارية تبدأ من التدقيق لتنتهي بالبحث عن (( مصلحة الوطن )) والحقيقة هي البحث عن مصالح ضيقة ومحدودة, وقد لا يكون صعباً التضحية من اجلها بمصلحة الوطن نفسها 0
وفي كل الأحوال , الحرب على الفساد لا يجوز إن تتبع سياسة الحملات التي يفصل بين كل حملة وحملة للفساد , بل جبال من الفساد تكاد تحجب الرؤية , وتضلل المسار , وتجثم على صدر الحقيقة والعارفين بها كما الموت المحتم 00
يجب إن تكون الحرب على الفساد , أيضاً عملا مؤسسيا يكون فيه القضاء آخر المحطات , وتكون فيه الرقابة السابقة والموازية خياراً أساسياً وملزماً , وقرارات المعالجة سريعة لا تفسح مجالاً للمراوغة والمداورة , وربما للوساطة , إن تكون كلمتها مقابل كلمة الحق والحقيقة والصواب 000
إن من صرف نفوذه , واستغل وظيفته لم يولد بيننا بين ليلة وضحاها , بل ترعرع بحماية من يكبره فساداً , وكبر في ظل صانعي مناخ الفساد , وأصبح احد أعمدة مؤسسته على قاعدة : إن من يأكل العشرة يطعم التسعة 00

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات