ثورة الشيشان البطولية

تم نشره الأربعاء 05 أيلول / سبتمبر 2012 01:12 صباحاً
ثورة الشيشان البطولية
د. رحيّل غرايبة

لا يستطيع أي منصف على وجه الكرة الأرضية يملك الحد الأدنى من الموضوعية والحيادية، إلاّ أن ينحني احتراماً وإجلالاً لثورة الشعب الشيشاني المشروعة، ضد الطغيان والاستعمار القسري الروسي الظالم، الذي مارس حرب إبادة وحشية في فرض الاحتلال الروسي على جمهورية الشيشان طوال العقود السابقة، تعرض الشيشان خلالها للتشريد والقتل والإبادة الجماعية، ومصادرة الحقوق الإنسانية الأساسية لأي شعبٍ من شعوب الدنيا.
 عندما انهار الاتحاد السوفياتي وانفرط عقد المنظومة الاشتراكية استطاعت كثير من الدول المنضوية في هذا الإطار الحصول على الاستقلال التام، وقدمت أمريكا والدول الغربية المساعدات اللازمة لدول أوروبا الشرقية، ودول البلطيق، وقدمت كل الدعم اللازم من أجل استقلالها وإعادة بنائها، وبعضها انضم للاتحاد الأوروبي، كما استقلت بعض الجمهوريات الإسلامية بما كانت تتمتع به من إمكانيات وقوة، مثل أوزباكستان وطاجكستان وأذربيجان وغيرها، ولكن بعضها الآخر لم يستطع الحصول على الاستقلال وخاض حرباً بطولية للحصول على الحرية والإرادة المستقلة، ولكنّها لم تستطع لضعف إمكانياتها النسبية مقارنة بقوة روسيا، ولأسباب وعوامل أخرى وجدتها روسيا تهدد مصالحها الاستراتيجية، سواءً من حيث مصادر الطاقة، أو من حيث الموقع الاستراتيجي، وعوامل أيديولوجية أخرى.
 خاض الشعب الشيشاني معركته وحيداً، وكان ضحيّة تفاهمات روسية أمريكية غربية، ووقف المقاتلون الشيشانيون أمام الجيش الروسي المدجج بأحدث الأسلحة وأفتكها، وسطر الأسود الشيشانيون أسطورة خارقة في الثبات والقتال الشرس، وكان الجيش الروسي المدمر يهدم المدن والقرى فوق ساكنيها، وحوّل كثيراً من القرى الروسية إلى مقابر جماعية أمام سمع العالم وبصره، وكان هناك بعض المقاتلين العرب الذين يقطعون الفيافي والحدود من أجل الوصول إلى الشيشان للمشاركة بطريقة بطولية فردية من باب التعبير عن التضامن الأخوي مع هذا الشعب المظلوم من كل الأطراف العالمية والدولية، الذين لم تستطع قلوبهم وضمائرهم الصبر على هذه المذابح المروّعة، وأمام إزهاق الأرواح البريئة التي تصعد إلى السماء تشكو ظلم الطغاة، وضعف الأمة الإسلامية الممزقة، التي تتناوشها الوحوش المفترسة من الغرب والشرق على حدٍ سواء، ومن الظلم والحماقة بمكان القول إنّ ذلك كان يحدث بتوجيه من الدوائر الاستخباراتية العالمية.
 إنّ ما يتعرض له الشعب السوري البطل في هذه الأيام، هي صورة جديدة من صور الظلم العالمي، والتواطؤ الدولي من كل الأطراف، وما الشعب السوري إلا عبارة عن ضحية لتفاهمات الدول الكبرى كما حدث مع الشعب الشيشاني وضحيّة لعبة المصالح القذرة للدول الكبرى، ثم يخرج من بيننا من يتنكر لقيم الحرية والعدالة، ويتنكر للمطالب المشروعة للشعب السوري وكل الشعوب الثائرة على الحكام المستبدين والأنظمة العميلة الفاسدة أن تكون حرةً كريمةً، مثل كل شعوب العالم التي تستطيع اختيار حكامها ومحاسبتهم ومراقبتهم واستبدالهم، وحقه في السيادة على أرضه ومقدراته .
 


( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات