مضافة أبو محمود

اختلفت الآراء حول طلب النواب إسقاط الحكومة بمذكرة وقعت من تسعين نائبا بين من يراه توجيها لهم بدلالة الاستشهاد بمواقف النواب الذين قادوها وتبنوها التي لم تخرج يوما عن السياقات الحكومية والرسمية، وبين من يؤكد انها هبة نيابية عفوية جوهرها قرب العودة إلى الناس من اجل أصواتهم.
وأياً هي الحال، فإن المهم الآن طلب الاسقاط نفسه، وفيما اذا كان سيبقى مطروحا او أن عمليات التفاف تجري عليه؛ إذ إن الامر الاول يعني استقالة الحكومة حكما، والثاني سقوطا جديدا لهيبة النواب بعد سلسلة طيهم ملفات ساخنة قبلا.
في التقدير العام أن البحث يجري الآن عن مخرج لما يمكن اعتباره ازمة بين سلطتين؛ حتى لا تتحول الى ازمة حكم، وعليه لا بديل عن التضحية بالحكومة او بالاثنتين معا.
مشكلة النواب أنهم لا يجدون من يقف الى جانبهم ويدعمهم حتى عندما يتخذون مواقف شعبية او مطلوبة من المعارضة؛ الامر الذي يسهل فرض التراجع عن المواقف كلما طلب منهم ذلك، وتجدهم بعيون مكسورة امام الحكومة؛ لكثرة ما يطلبونه من خدماتها، ما يعني أن إرادتهم مسلوبة على الدوام.
أما مشكلة الحكومة فمحددة بعدم ولايتها الكاملة في ممارسة السلطة، وهي مكسورة العين ايضا امام النواب وغيرهم، وتعلم انها لا تحظى بأي تأييد شعبي، ولا بمن يأسف عليها إن أُسقطت او رحلت طوعاً.
مشكلة الشعب في الحكومة والنواب ويريد اسقاط هذه وحل ذاك، ومشكلة الحكومة في النواب، ومشكلة النواب في الشعب، ومشكلة الجميع مع النظام، فهناك من يريد اصلاحه، ومن يريد توجيهه، ومن يفضله كما هو، ومشكلة النظام مع هؤلاء جميعا، فأن أرضى جهة غضبت اخرى، وإن مال هنا يطلب هناك، وان توسطهم يتنافسون عليه، وان تركهم لا يتركونه، وهو لا يستطيع تركهم وشأنهم فينقلبون عليه.
أكثر ما يوجع القلب الكتابة من القلب عن اشياء يلا قلب. فأي حال هذه التي يعيشها الجميع؟
( السبيل )