متى يستجيب حزامنا؟!

تم نشره الأربعاء 05 أيلول / سبتمبر 2012 01:25 مساءً
متى يستجيب حزامنا؟!
رمزي الغزوي

مثل بطيخة مقذوفة يتحطمون، وكأعواد معكرونة رقيقة يتكسرون، أولئك الذين تنتابهم لحظة جنون وهبل، فيقفزون من سيارة نقل (بك آب) مسرعة، معتمدين على قوة بنيتهم ومتانتها، لكنهم ما أن يمسوا وجه الأرض، حتى تصبح سرعة أقدامهم صفراً، فيما تبقى رؤوسهم وجذوعهم العلوية متحركة مندفعة بسرعة مساوية لسرعة السيارة، وهنا تكمن الكارثة الكبرى، فتراهم يتدحرجون ويرتطمون وينقلبون، بطريقة عجيبة (تدشدش) عظامهم، ثم يدفعون ثمن اندفاعهم، بالبقاء طويلاً مصفدين في قوالب الشاش والجبس!.

الإصابات الخطرة تكون من نصيب أولئك الذين لا يتحزمون بأحزمة الأمان، فالحزام يمنع اندفاع الجسم إلى الأمام، عند الوقوف المفاجئ، بحسب قانون نيوتن الأول، فيحميه من الانقذاف من زجاج السيارة، ويبقي الجسم ساكناً مثبتاً ما يجفف من وطء الإصابة.

أما الذين لا يستخدمون الحزام، فقد يواجهون مصير البطيخة.

أحزمة الأمان، ليست كأحزمتنا التي نتخذها في تثبيت سراويلنا الآيلة (للسحل) عند عتبات خصورنا الناحلة، وليست كأحزمة الآباء النزقين، الذين يسلونها بسرعة البرق لسوط أبنائهم العفاريت.

فحزام الأمان اختراع جليل وعظيم وذكي، يستحق مخترعه جائزة نوبل، لأنه لا يعمل إلا في الشدة، وفي أضيق الأوقات، فالحزام إن سحبته بلطف يستجيب وينسحب، أما إن سحبته بعنف فسيمتنع وسيجمد ويثبت، وهنا تكمن فائدته العظيمة، ففي الحوادث وعند أدنى اندفاع سريع للأمام يحمي أجسادنا ويثبتها في المقعد!.

كل الحكومات التي تسير في تقدمها وحياتها تعمد على اتخاذ عدد لا بأس به من أحزمة الأمان، التي تخفف من حدث الصدمات السياسية والاقتصادية التي تعتري المسيرة والبلد، وتعمل في الشدائد وعند حالكات الليالي وعثرات الدروب!.

لدينا العديد من أحزمة الأمان العريضة، التي تتحزم بها كل الحكومات، لمواجهة المصاعب، والتي نسمع بها في كل الخطط الخمسينية والعشرية، لكنها تظل أحزمة مختلفة، فهي تستجيب بلطف، تماماً كما تستجيب بعنف، ولهذا فهي مجرد حزام عادي، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تثبت جدارته في الشدائد، وغلو الأسعار، وهزهزات السوق، والوقفات الفجائية، أو تأخر المساعدات المالية!.

في عرف الحكومات التي لا تؤمن بقانون القصور الذاتي، وتعول على قوة الأجسام المتطايرة، فإن أحزمة الأمان لا تكون إلا إكسسواراً وبهرجة، في حياتنا الاقتصادية، وأجندتنا السياسية، وبناء عليه حبذا لو تحول كل تلك الأحزمة العريضة من أحزمة للأمان المفترض إلى أحزمة لشد البطون الخاوية، ولتثبيت السراويل الساحلة!. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات