في بلادنا العربية..

أحياناً يشعر احدنا أنه حلاّق أكثر منه كاتب ساخر...يقوم بتبليل رأس الفكرة ، ثم يبدأ بحصر خصل الكلام بين أصابعه ، يقص الجمل على مشط الايقاع، يبعد قليلاً عن تكويرة المقال ، ثم يعود لتشذيب التعابير من جديد ، من هنا قليل من التقصير ، هنا الفقرة اطول قليلاً ،يلفّ رأس الفكرة نحو اليمين ، لأرى كيف يظهر النص جانبياً، ثم يرفعه الى أعلى يرتّب الغرّة، ثم يخفض وهج النص قليلاً الى أسفل لغايات تنعيم بعض المصطلحات القاسية والملتوية...وقبل أن ينهيه تماماً...يقوم بنزع الأخطاء الطباعية ع «الخيط»..ويهندس بالموس والقلم عدد الكلمات وحروف الربط المتكررة، «يسشوره» بقفلة ملعونة، ثم يفكّ عن رقبته مريول الكتابة..وقبل أن يتنفس الصعداء ويقول لهذا النص «نعيماً» يتدخل رئيس التحرير و»يحلق له» ع الصفر، ويضربه شلوتاً قاسياً..ويمنعه من النشر..
الأسبوع الماضي ..بلغتني ادارة تحرير الرأي ان مقالي ممنوع ليوم الاثنين الماضي وعليّ إرسال بديل عنه ، وبعد اقل من ساعة بلغتني ادارة تحرير صحيفة عربية ان مقالي الاسبوعي والذي ينشر يوم الاثنين منع ايضاَ وعليّ ارسال بديل عنه ...ترى ماذا أفعل؟ ..كيف لي أن أرسل بديلين في نفس اللحظة ؟ وقد أخذ مني كتابة المقالين اكثر من اربع ساعات وانا اقوم بالتزيين والتقصير والتنعيم والتمشيط والتهذيب و»السشورة» على طولة بالي ..
فما كان مني ..الا ان اضفت عبارة «في بلادنا العربية» على نص مقال ممنوع وأرسلته للصحيفة الأخرى..وأضفت نفس العبارة « في بلادنا العربية» على نص مقال الصحيفة الأسبوعي الممنوع وأرسلته للرأي...فنشر المقالان في نفس التوقيت..ودون أن يحذف كلمة واحدة من أيهما!!..
في بلادنا العربية...اذا أردت ان تنتقد بسقف عالٍ وان «تصلخ» من تشاء مهما كبر منصبه او علا شانه..فقط افتتح مقالك او أختمه بعبارة ( في بلادنا العربية). ( الرأي )