تراجع عدد قضايا إخلاء المأجور أمام المحاكم بنسبة الثلثين
المدينة نيوز - تشير إحصاءات المحاكم القائمة على مستوى المملكة إلى تراجع عدد قضايا إخلاء المأجور المرفوعة امامها خلال العام الحالي بشكل لافت، بفعل أحكام قانون المالكين والمستأجرين الحالي والذي تدفع جهات عدة نحو تعديله.
وبحسب الأرقام الإحصائية التي حصلت عليها «الدستور» فقد سجَّل المتخاصمون 4072 قضية إخلاء مأجور أمام محاكم الصلح والبداية حتى حينه من العام الحالي، فيما شهد العام الماضي تسجيل 11782 قضية مماثلة.
وعليه، تُسقط لغة الأرقام مبررات دعاة تعديل القانون الذين قالوا إن النسخة المعمول بها منه زادت العبء على المحاكم، ذلك انه على الرغم من ارتفاع طلبات التنفيذ المتعلقة بالمالكين والمستأجرين، الا ان هذه الطلبات لا تستنزف أكثر مما نسبته 10% من جهد ووقت المحاكم عما تستنزفه القضايا المنظورة أمامها.
الحكومة الحالية استجابت لاعتراضات التجار والصناعيين التي رُفعت في وجه القانون الحالي والذي أقر قبيل بداية العام الماضي، لتتقدم باقتراح مشروع قانون معدل ، هو الرابع من نوعه خلال ثلاث سنوات، والذي قد يبحثه مجلس النواب الحالي خلال دورته الاستثنائية الحالية.
ورغم أن التعديل السابق- المعمول به- جاء تحت وطأة ضغوط التجار، إلا أن الحل الأخير الذي سعى إلى « توزيع الضرر» لم يرُق لغالبية المستأجرين في هذا القطاع، إذ ارتفعت وتيرة مطالبهم لإلغاء بند «أجرة المثل» الذي أقره القانون الحالي كبديل منطقي لإخلاء المأجور الذي كان القانون السابق قد وضع سقوفا زمنية لها.
وجاء القانون الحالي لإنقاذ المستأجرين من خطر إنهاء العقود القديمة التي اعاد قانون 2009 تمديدها لخمس سنوات جديدة تنتهي بنهاية عام 2015، فيما كان القانون الصادر عام 2000 قد وضع موعدا لانتهاء كافة العقود المبرمة قبل اقراره مع نهاية عام 2010.
وقبل نهاية العام 2010، أقرت الأجهزة المختصة القانون المعمول به حاليا والذي أقر مبدأ أجرة المثل كبديل للمستأجرين عن الإخلاء وتعويض للمالكين عن استمرار إشغال عقاراتهم. وكان مبدأ «أجرة المثل» الذي يسعى القطاع التجاري لإلغائه، مطلبا لذات القطاع عندما كان القانون يضع سقوفا زمنية لإنهاء عقود الإيجار القديمة التي استمر بعضها لمدة زادت في بعض الحالات على الخمسين عاما. المتضرر الحقيقي من القانون الحالي هم المالكون، بيد أن المستأجرين الذين ينتمي أغلبهم إلى فئة التجار والصناعيين يمتلكون –على ما يبدو- قدرة أكبر على إيصال مطالبهم للحكومة وتجييش وسائل الإعلام لخدمة قضيتهم. فالتعديل الأخير على القانون جاء رغم تحذير قانونيين من فكرة الامتداد والاستمرار القانوني، لتعارضها مع واحدة من الأصول الفقهية القانونية و لما لها من آثار سلبية على سوق العقار، وعلى قطاع المالكين. ورغم أن قطاع المستأجرين أمهل سابقا مدة عشر سنوات لتصويب أوضاعه وترتيبها، بما يتناسب ومقدرته الاقتصادية، فقد تمت إعادة تمديد هذه المهلة خمس سنوات أخرى قبل ان يتم إلغاؤها نهائيا في القانون الحالي بحجة توفير الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة. وللرد على هذه الحجة، يشير خبراء وقانونيون إلى الدراسات الإحصائية التي تؤكد أن الملاءة المالية لغالبية المستأجرين أفضل منها لدى غالبية المالكين، كما أن القانون الجديد سيكون أثره محدودا على شاغلي المساكن المستأجرة حيث أن 68% من إجمالي المساكن المستأجرة أبرمت عقودها بعد العام 2000، ما يجعلها خارج دائرة تأثير القانون الجديد. وعليه فإن 32% من المساكن المؤجرة وفق آخر احصاء للمساكن تعود عقود إيجارها إلى ما قبل سريان هذا القانون وتخضع جميعها إلى أحكام القانون ذاته وتتأثر به بشكل مباشر ولن يطالها أي زيادة على الأجرة. أعدت نسخة القانون التي اقرت عام 2009 والتي عدلت في العام الذي يليه بعد اجراء حوار موسع امتد لما يزيد على العام وشاركت فيه كافة القطاعات المعنية والمواطنين و اعتبر في حينه «حالة وسطى» تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية للمستأجر وتعيد للمالك القدرة على استغلال عقاره، بما يعود عليه بدخل يتناسب وقيمة عقاره. وأقرت الحكومة أكثر من مرة أن القانون يعمل على توزيع الضرر بين الطرفين، مع تأكيدها على أنه لا يمكن الوصول إلى صيغة قانونية تحقق الرضا التام لطرفي المعادلة.
وعليه فإن التمسك بمبدأ الاستقرار التشريعي يبدو أفضل من الاستجابة السريعة لضغوط أي فئة تدعي بأن هذا التشريع أو ذاك يهدد مصالحها.
( الدستور )