في الهزيع الأخير!

الأزمة السورية خرجت، منذ أول رصاصة أطلقتها المعارضة، من يد السوريين وتمَّ تدويلها واقلمتها. وما جرى من المبادرات العربية، ثم مبادرات مبعوث الأمم المتحدة أنان، ثم تكليف الدبلوماسي العربي اللامع الأخضر الإبراهيمي، حتى وصلنا إلى الرباعية التي اقترحها الرئيس المصري.. والأحداث تبرهن أن السوريين بقوا خارج هذه التوليفات!!.
الآن انتهى الاجتماع التحضيري للجنة الرباعية في القاهرة بالدعوة إلى اجتماع وزراء الخارجية في العاصمة المصرية (وزراء مصر والسعودية وتركيا وإيران)..وفي الوقت ذاته يطير وكيل الخارجية الروسية بوغدانوف إلى باريس، حاملاً معه رسالة تثير الضحك وهي وعد من بشار الأسد بالتنحي «إذا اختار السوريون بديلاً آخر في الانتخابات» لكن بوغدانوف يحمل رسالة جدية في جيبه الآخر، تنسجم مع التحرك الإقليمي في القاهرة. والذي يعرف العقلية الروسية يجب أن يتأكد أن ما يقوله الدبلوماسي للإعلام غير ما يقوله في «الكي دورسيه» فلا أحد يراهن على شخص فقد شرعيته عملياً بإطلاق الجيش على الاحتجاج الشعبي السلمي!!.
هناك الآن طبختان:
- واحدة في المنطقة تضم تركيا وإيران وهما ضد ومع بشار الأسد، ومصر والسعودية وهما يعلنان هدفهما باسقاط نظامه.
- وواحدة في باريس بين الغرب وروسيا.. مع حليف الأسد وأعدائه!.
والحقيقة ان الذين يطبخون ازاحوا عقدة بقاء الرئيس السوري. فالمهم عندهم ما بعد بشار الأسد، فهناك تحسب إيراني وغربي وروسي - وهم هنا يلتقون كليا - من أن يكون انهيار نظام الأسد اشبه بانهيار نظام صدام حسين في العراق، فلا تعود السلطة المركزية الجديدة قادرة على السيطرة وتحكم بدلها .. الفوضى!! وإذا كان جبروت أميركا وحلفائها العسكري لم يضمن انفلات الأمور، فان من المؤكد أن الجيش السوري الذي فشل في تأمين النظام الذي صنعه كتيبة كتيبة ولواء لواء، وفرقة فرقة لن يكون قادرا على ضبط الفوضى المسلحة التي سترث الأرض وما عليها!.
السؤال الآن: كيف تتم المرحلة الانتقالية بين مغادرة الأسد، وإقامة حكومة انتقالية تضع دستوراً جديداً, وتجري انتخابات رئاسية ونيابية, وتشكل حكومة مستقرة, وتعيد الجيش إلى ثكناته.. وتعيد تأهيله. فالجيش السوري فقد قدرته القتالية؟!
- هذا السؤال يطرحه الروس والفرنسيون في زيارة بوغدانوف لباريس. وسيطرحه وزراء خارجية الدول الرئيسية الأربع في القاهرة. وسيكون الأخضر الإبراهيمي هو الذي يمسك بالخيوط ويتحرك بين القاهرة وباريس وقد يزور دمشق زيارة مجاملة.. ريثما ينتهي المجتمعون على موقف موحد. والضامن هذه المرة أن السعودية ومصر وتركيا قبلوا الجلوس مع الإيرانيين على طاولة واحدة لحل المشكل السوري, مثلما أن الضامن هو استعداد موسكو للعب دور آخر غير دورها في مجلس الأمن. وقد تكون وثيقة جنيف التي تطالب بها الآن هي المدخل لتقديم تنازلاتها. وهي قطعاً مستقبل تحويل الوثيقة إلى مجلس الأمن لتكون قراراً حسب المادة السابعة. أي بقرار وعقوبة. ولعل هذا ما يجعل الأسد يدخل القفص طوعاً. ( الرأي )