خطوط التنويم والإرهاب

إذا أردت أن تنيم عصفوراً تنويماً مغناطيسياً، عليك أن تضعه في وضع غير معتاد، ومن المفضل، وضعه على دفة ظهر، ثم تثبته حتى تخمد حركته، وتنتهي مقاومته، وعليك إبقاؤه بهذه الوضعية بضع دقائق، ثم اتركه، فلن يتحرك، لدقائق أخرى، أو لساعات ربما، وبالإضافة لنومه العميق، فهو يفقد الكثير من إحساسه، ولا يستجيب للألم، حتى يمكنك ذبحه، دون أن يبدي حراكاً!.
وتنويم الدجاج أسهل من ذلك بكثير، فما عليك إلا أن تخط خطاً بالطبشورة على الأرض، تحت رأس دجاجة، ثم تومئ إليها، لترى الخط، فتسكن مكانها، ولا تتحرك، وتخمد خمود الميت!.
وهناك ما هو أسهل من هذا وذاك. فعندما سقطت بغداد، سقوطها الأول، على يد التتار 656هـ، وجد تتاري نفسه أمام مجموعة هاربة من الناس، فأوقفهم، ولم يتوقف رعاشهم خوفاً، وأراد قتلهم، وكان بلا سيف، فخطّ لهم دائرة بعصاه، ثم أمرهم، أن يبقوا داخل محيطها، ريثما يعود بسيفه، فظلت الأجساد الهامدة على حالها، حتى عاد وحصد الرؤوس!.
هتلر (الفوهر)، وتعني القائد بالألمانية، نوّم الألمان قبل الحرب العالمية الثانية، تنويماً مغناطيسياً، بخط الصليب المعقوف، الذي هو شعار النازية، وكذلك بسحر شخصيته (الكاريزما) الدكتاتورية الآسرة، فساق الألمان إلى الهاوية، ومعهم العالم.
كذلك فعل موسوليني (الدوتشي)، بالإيطاليين إذ نومهم بطريقة هتلر، وكذلك فعلت الشيوعية بجموعها الغفيرة، وصدام حسين، فبيافطاته العريضة وشعاراته الرنانة، وصوره الكبيرة وجدارياته، التي انغرست في كل شبر من أرض العراق، وبعدد فاق عدد أهل العراق!، وبطاؤوسيته وضربه على أوتار العاطفة العروبية، ودغدغة مشاعر الجموع المتعطشة، نومنا بخط وهمي، ما أسرع ما انمحى عن وجه الأرض!.
قبل أحد عشر عاماً، أي بعد إسقاط برجي التجارة العالميين مباشرة، نوّم جورج بوش الابن الأمريكيين، والعالم معهم، بخطين اثنين، بدل الخط الواحد، هما 11 سبتمبر، وسماهما خطي الإرهاب، فسفك دماء شعوب آمنة، بحجة القضاء على بؤر الإرهاب، واحتلال بلداناً ورتع في بطونها، ونعلم أن اللاهث وراء مكافحة الإرهاب، كان إرهابياً ابن إرهابي!.
وستلاحقنا هذه الخطوط، وستبقى حجة تسوغ أي شيء وكل شيء، فحتى الثورة السورية البطلة، ثورة الشعب والناس الطامحين للحرية والكرامة، يسميها نظام الطاغية الأسدي بالحركة الإرهابية، ويسفك الدماء بهذه الحجة الفجة.
وسيبقى العالم داخل محيط وبنديرية الإرهاب. وسيصل الأمر حد أن تسطو حكومات على ناسها بهذه الحجة المعلبة، وسيطول الوجع، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا. ( الدستور )