الأقليّة حين لا تلعب دور الضحيّة!

لهذا البابا بنديكتوس (ومعناها بالعربيّة المبارك) السادس عشر رؤية تستحق الإعجاب والتقدير لا لأنّها دينية لاهوتية، وإنما لأنها تتعلق بحياة مجموعة من الناس تعيش في هذه المنطقة.. وهي المجموعة المسيحيّة!!.
يقول زائر لبنان للمسيحيين: انتم هنا منذ قرون. انتم في دياركم. وهنا ينبغي أن تزدهروا. وتعقيباً على ما جرى لمسيحيي العراق، وما يجري لمسيحيي الشام يقول: يجب التصدي لميل البعض للاضطلاع بدور الضحيّة. لا فنحن «أقليّة» فاعلة!!.
إن تدهور أوضاع المسيحيين في العراق ليس ناتجاً عن ديانتهم، ولا يصح طرح قضيتهم على أنهم ضحايا.. فالعراقيون كلهم شملتهم الكارثة. وملايين العراقيين الذين هاجروا من وطنهم أو هجروا في وطنهم شمل غير المسيحيين أيضاً.. وذلك تحت رعاية الولايات المتحدة وحلفائها الذين احتلوا العراق لانقاذه من .. صدام حسين!!.
اليهود وحدهم هم الذين يلعبون دور الضحيّة بجدارة لأنهم يعيشون في أوطان لا يريدونها، ولأنهم في أعماقهم يحتقرون الشعوب حتى التي يعيشون بينها وهم يحافظون على حالة الأقليّة المضطهدة، لأنّ كيانهم الديني لا يتماسك إلا بخلق عداء بينهم وبين العالم.
كلام بابا روما في زيارته للبنان – سيلقي سبعة خطابات – سيركز على أن التعدّدية والديمقراطية في هذا البلد هو ضمان المسيحيين.. والتعايش الحقيقي بين الطوائف هو ضمان الكيان اللبناني.
ويصرُّ البابا على أن كلامه هذا لا علاقة له بالسياسة، وبأن رسالته رسولية. لكل من يسمع، ولكل من يريد أن يسمع!. لقد كانت الهجرة اللبنانية إلى بلاد العالم بحثاً عن الأمن وعن حياة أفضل، هجرة عامة غير مسيحية. فخلال العقود الأربعة الأخيرة هاجر الشيعة أكثر إلى الولايات المتحدة وإفريقيا، وهاجر السُنّة.. وهاجر الدروز. ففي لبنان ثلاثة ملايين لبناني، وخارج لبنان تسعة ملايين..وهكذا كان أجدادهم الفينيقيين!!.(الرأي)