عمان في القلب
ذات يوم كنت بجلسة صديقات نتناول اطراف الحديث، عما يجري في عصرنا الحاضر .. خوضنا في جميع المواضيع الاجتماعية او الاقتصادية او الفنية رغم ان النساء لا يتطرقن اليها لانها لا تخص الجنس اللطيف بشيء فهي بعيدة عن اختصاصهن مثل البورصة والاعمار والانشاء.
لكن العولمة جعلت الصغير قبل الكبير والنساء قبل الرجال يتداولون هذه المواضيع.
وحتى لا اطيل عليكم ، طرحت احداهن موضوع انشاء مدينة جديدة تحل محل عمان البلد التي يريد الرأسماليون ان يهدموا الاصالة والعراقة فيها ليبنوا مبانٍ استثمارية جديدة .
وانا اقول لهم لا تهدموا اصولنا وعروقنا ، لا تهدموا نبض امتنا فنحن نعشق هذا التاريخ فوالله عندما اكون مكتئبة والدنيا ضائقة بي او في حالة ملل شديد اذهب الى البلد وكأي شخص استقل التاكسي اقول للسائق الى البلد وصدقوني انها الجملة الوحيدة التي اسمعها دائما وهي ان جميع السياح الذين يأتون لعمان يطلبون الذهاب الى البلد حتى العرب منهم لان الجديد موجود في كل مكان فهم لا يقصدون الجديد بل يريدون العراقة والحضارة والتاريخ ونحن والله مثلهم فصدقوني عندما اذهب أكون سعيدة اكثر من ذهابي الى اي مكان اخر ولا اعرف لماذا، هل هو سحر المكان ام لاننا نشم رائحة اجدادنا به أم لاننا نتمنى عودة الماضي وتلك الايام بسحرها واصالتها لا اعرف ولكن هذا هو الواقع !
فوسط البلد هو عمان هو حب عمان، لا تقل لي العمارات وناطحات السحاب الجديدة والمولات التي تسرق العيون والقلوب فكلها مثل بعضها نراها في كل مكان بالاردن وبغيره، ولكن حاول ان تذهب وتتجول في وسط البلد بين اسواق البخارية ومانجو والبشارات وغيرهما وبين المحلات القديمة الصغيرة المتراصة بجانب بعضها والازقة الضيقة المعتمة والمعبقة برائحة القدم برائحة كل شيء عتيق فلا شعوريا تجد نفسك وكأنك تتحدث مع اجدادك واهلك .
عشقنا لك يا عمان ليس بحضارتك فقط بل باصولك وزمانك الغابر المعطر برائحة الامجاد والبطولات برائحة القهوة والهيل والزعتر، هذه عمان قديمها جديدها، لا تقتلوا حبنا ولا تسحقوا عبق الاصالة فهو يمدنا بالقوة وبالشموخ فبأزقتك القديمة نسمع وقع حوافر الخيل وهي تصول وتجول ، وفي دكاكينك القديمة نشم رائحة احبابنا واجدادنا ظلي شامخة الى الابد تعطرين المكان وتزهين زهو الفرسان معلنة للوجود انك باقية كشجرة سنديان ضاربة جذورك القوية في كل مكان وغصونك العالية في سمائك مظللة عليها برائحة الريحان
جئتك يا عمان احبو عشقا وفخراً
يناديني صوت جدي لاكمل مشوار المجد ..
يقدم لي اساطير القدامى التي تفوح بعطر الياسمين والفل
فيا دانة حباتها بقلوب العذارى .. انت ماسة بل انت بجمالك لا تشبيهن شيئا
فبماذا اصفك يا غالبة ?
انت الغلا انت الوفا انت يا عمان الحب والمنال ..
حماك الله وابقاك ذخرا ونورا بتاريخك وعشت لنا طول السنين