حلول خلاقة أم فوضى خلاقة؟

مر وقت كان الناس فيه يخافون من الحكومة ولا يجرؤون على انتقادها علناً ، كما دلت استطلاعات الرأي التي كان يجريها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية. في حينه كان نقد الحكومة يحتاج لسقف عال قد يكون مكلفاً لمن يجرؤ على الاقتراب منه.
الآن أصبحت الحكومة هي التي تخاف من الناس ، ولا تجرؤ على انتقاد تصرفاتهم مهما كانت شاذة. وأصبح هناك قدر من الإرهاب الفكري لدرجة جعلت تأييد بعض إجراءات الحكومة هو الذي يحتاج إلى سقف عال وتحمل الكلفة الشعبية.
مما يلفت النظر أن بعض الكتـّاب ووسائل الإعلام تصف بعض الشعارات والهتافات الشاذة ، التي تسيء إلى الوطن ورموزه ، وتستهدف اغتيال الشخصية ، بأنها شعارات أو هتافات ذات سقف عال ، وهي بذلك لا تفرق بين ارتفاع السقف وقلة الأدب!.
أصحاب الأصوات العالية والحناجر الرنانة الذين يجيدون الصراخ ، وينظمون الشعارات ، مع الحرص على السجع ، يعتقدون أن هذه الصياغة اللغوية تحول شعاراتهم وهتافاتهم الهزلية إلى آراء ومواقف سياسية لهم حق التعبير عنها ، مع أن ما يفعلونه ليس سوى صنع الفوضى الخلاقة التي تستهدف المساس باستقرار البلد وأمنه واقتصاده ، تمهيدأً لتنفيذ مخطط معروف لا يريد الخير لهذا البلد ومستقبله وكيانه ونظامه.
ما نشهده في الأردن هذه الأيام لم يعد حراكأً وطنياً ، بل جزء من عملية شاملة تستهدف الوطن العربي بأسره ، وما يريدون تحقيقه هو أن يحدث في الأردن مثل ما يحدث في سوريا.
ليس غريباً والحالة هذه أن لا يتجاوب الشعب الأردني معهم ، ولا تأخذه هتافاتهم وشعاراتهم المسجوعة والتي تردد عبارات لا تمثل موقفاً سياسياً أو تفكيراً عقلانياً.
الشبان الذين اصطحبهم السيد زكي بني ارشيد لدعم خطابه المشهور قرب دوار الداخلية كانوا يهتفون ضد الحكومة بالقول: ارفع سعر البنزين وعبي جيبك بالملايين! وارفع سعر السولار وعبي جيبك بالدولار!.
فهل هذا هو مستوى التحليل السياسي والاقتصادي لقرار رفع أسـعار المحروقات ، وهل هذه هي الحلول المطروحة لمشكلة المديونية وعجز الموازنة ، وهل هذا أقصى ما تستطيع الجماعة أن تقدمه؟.
في مصر تحديات اقتصادية مماثلة لا يملك الإخوان حلاً لها سوى استدعاء صندوق النقد الدولي ، واقتراض مليارات الدولارات منه بسعر فائدة 5ر1% ، والقبول بشروطه المعروفة وفي مقدمتها رفع أسعار المحروقات والكهرباء.
مطلوب حلول خلاقة لا فوضى خلاقة.
( الرأي )