ما المشترك بين بديع والظواهري وبلحاج؟

ثمة ما يجمع بين «الشيوخ» الثلاثة, رغم الاختلاف في التسميات والمواقع والشعارات, لكن المرجعية لثلاثتهم واحدة, فكلّهم خرجوا من عباءة الحركات الاسلامية ومن الحركة الأم (جماعة الاخوان المسلمين) على وجه الخصوص, إلا أنهم الان يلتقون على هدف واحد هو اسقاط بشار الاسد, والسبب هو أن سقوط النظام السوري سيقصّر المسافة الى تحرير فلسطين!! هكذا اتفقوا وهكذا يشيعون وتصادف أن الأول, الدكتور محمد بديع مرشد اخوان مصر, أصدر بياناً شديداً دعا فيه الى اسقاط الرئيس السوري, لأن وجوده يعوق أن «تتحد» الثورتان السورية والمصرية كي تقوما بتحرير فلسطين(...) أما بيان زعيم تنظيم القاعدة الدكتور ايمن الظواهري, فقد كاد أن يكون نسخة طبق الأصل عن بيان المرشد, وخصوصاً في الدعوة الى اسقاط الرئيس السوري لأن سقوطه «... سيقرّب الثوار من هدفهم الثاني وهو التوجه لبيت المقدس لتحرير فلسطين وهزيمة اسرائيل, لأن الأمة الاسلامية(!!!) في حاجة لأن تُركّز على هدف تحرير فلسطين» على ما جاء في بيان زعيم القاعدة..
يبقى الشيخ الثالث عبدالكريم بلحاج زعيم ثوّار طرابلس وقبلها الجماعة الليبية المُقاتلة والقاعدي التائب (وربما الذي ما يزال على قناعاته وولائه) الذي يريد «تصدير الثورة» الى بلاد الشام, والذي ذهب (وأرسل مقاتليه) الى سوريا عبر البوابة التركية كي يحرّروا سوريا من نظام الاسد.. وآخر ما كشفته الصحافة الغربية هو ارساله لاربعمائة طن (نعم 400 طن) من الاسلحة المتطورة, بما فيها صواريخ سام 7 لاسقاط الطائرات, الى المتمردين السوريين, حيث دبَّ الخلاف بين جماعة الاخوان السورية وجيش رياض الاسعد «الحر» على اقتسامها..
في الصور الثلاث السابقة, يستطيع المرء التدقيق في الأبعاد والغايات ليرى حجم التضليل الذي تقوم به اطراف عديدة للتغطية على حجم المؤامرة التي تجري في المنطقة، والتي اتخذت اشكالاً وصيغاً متعددة منذ اندلاع موجات ما وصف بالربيع العربي، وإذ تم استهلاك كل ما طرحوه من مبررات وذرائع بدءاً بالحرية والديمقراطية ورفض الاستبداد وليس انتهاء بالانتخابات والحكومات الوطنية ومكافحة الفساد والعدالة الاجتماعية، لم يجدوا الان سوى فلسطين (بما هي المشجب الذي يعلق عليه كل العرب انظمة واحزابا ومنظمات مجتمع مدني وغيرهم) كي يواصلوا تآمرهم على سوريا بهدف تدميرها والحاقها في معسكر الثورات الملونة التي خطفها الاسلاميون وباتوا الحلفاء المفضلين لدى واشنطن (هذا إذا لم تُغيّر الاخيرة رأيها, بعد ما حدث لسفاراتها, في بلاد الربيع خصوصاً, في الايام الاخيرة).
لا داعي لطرح المزيد من الاسئلة حول اكتشاف الاسلاميين المتأخر لفلسطين واغتصابها, بعد ان ضاعت القدس وتوشك فلسطين كلها على الضياع, لاسباب اسرائيلية ودائما لارتكابات فلسطينية ومؤامرات عربية وتواطؤات اسلامية.
ثم إذا كان مرشد الاخوان في مصر يريد تحرير فلسطين, فكيف يستقيم هذا مع كل ما يفعله الدكتور مرسي, سواء في تطميناته التي لا تتوقف حول التزام المعاهدات التي لا تعني سوى كامب ديفيد في واقع الامر؟ أم في تصريحاته الاخيرة في جولته الاوروبية بأنه يريد السلام العادل دولة للفلسطينيين وأمنا لاسرائيل.. فهل ثمة (في الاقوال وفي الافعال) فرق بين نظام مبارك ونظام «المرشد» الذي يرأسه مرسي؟
ماذا عن القاعدة؟
حدّث ولا حرج, فليس اسامة بن لادن هو الذي رأى كابول اهم من القدس وافغانستان ذات اولوية على فلسطين (رغم ان احتلال افغانستان من قبل الملحدين السوفييت تم بعد ثلاثين عاما من احتلال «المؤمنين» واصحاب الكتاب, اليهود لفلسطين والقدس) بل هي كل تيارات الاسلام السياسي وعلى رأسها الاخوان, الذين جمعوا المتطوعين وارسلوا القوافل والكوادر ووظفوا الاعلام, للايحاء بان الاسلام في خطر.. وبقية القصة معروفة وخصوصا تحالفهم الوثيق على اميركا واجهزتها الاستخبارية وها هي «القصة» تعود باخراج جديد هذه المرة يأخذ صورة الربيع العربي المتدثر بعباءة الديمقراطية (وايضا عباءة الدين وعمامته التي كانت افغانستان لهما عنوانا وهدفا).
وما علاقة بلحاج في ذلك كله؟
اسألوا اردوغان الذي بَشّرنا يوم اول من امس ومن يالطا باوكرانيا (وما ادراك ما يالطا؟) بقرب نهاية النظام السوري ويواصل اتهام دمشق بدعم المقاتلين الاكراد, فيما هو يمرر اربعمائة طن من الاسلحة عبر حدوده مع سوريا لدعم «الثوار» الذين سيواصلون مشوارهم الى القدس لتحريرها (هم واخوان مصر) بعد اسقاط النظام السوري. ( الرأي )