البرلمان القادم لا يمثل الجميع

أي قول بأن الانتخابات القادمة ستفرز مجلس نواب يمثل الجميع هو محض افتراء وكذب وتلفيق، وهو محاولة لطي عنق الوقائع والحقيقة.
نبدأ من قانون الصوت الواحد، ونتساءل كم تمكن هذا التشريع المسخ من العمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية في البلد.
ما هي منتجاته حتى الآن، كم سيكون الفارق بين المجلس الحالي والقادم من ناحية البنية وحجم السياسة وطبيعة الشخوص وقدراتهم.
البعض يحاجج بأن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة، وأنا أشك بذلك حتى لو كانت نيات الهيئة المستقلة المعنية بإدارة العملية الانتخابية صادقة وتريد النزاهة.
ألا يدرك المتبجحون بالقول إننا أمام مجلس قادم مختلف، أن قانون الصوت الواحد بطبيعته يسمح ويمرر ويسهل الفساد والتزوير، ويدفع باتجاه تعظيم حجم المال السياسي.
أما عبد الإله الخطيب، فأنا أتحداه من هنا إن كان سيملك قرارا على إرادة البيروقراطية التي فسدت وزورت وكانت أداة لأشخاص ونواب ووجاهات فمررت وستمرر.
من جهة أخرى، هناك مقاطعة يقودها أكبر حزب وتنظيم في البلد هم «الإخوان المسلمين»، ومعهم حراكات وأحزاب أخرى وشخصيات وازنة.
وهنا السؤال، هل في ظل هذه المقاطعة سيكون البرلمان القادم ممثلا للجميع، ربما سيجيبنا بعض الحاقدين على الحركة الإسلامية وبعض «شوفينين الولاء» بأن نعم هو ممثل.
لكن الحقيقة أن المجلس القادم سيفقد شرعيته عند أول مظاهرة للحراكات وللحركة الإسلامية يطالبون فيها بإصلاحات وحل البرلمان مرة أخرى.
نعم العقدة تكمن في منشار السلطة، وهي عقدة صنعتها زمرة التأزيم في النظام، ولعل جهاز المخابرات اليوم يقف موقف الرئيس في صناعة قناعات التأزيم هذه.
الساحة تبدو أمنية جدا والاعتقالات خيارا أحمق يتجدد، وقانون المطبوعات بات نافذا، أما أدوات النظام (نواب وأعيان وحكومة) فقد تم تجميدهم إلا للمهمات المبتسرة التي يريدها رجال الخفاء.
التسجيل سيصل إلى مليونين بفعل نجاح استراتيجية «الشحدة والرجاء»، وباتت قناعتي بعدم إجراء الانتخابات تتلاشى، وذلك بسبب إدراكي المتعاظم أن عقل النظام مشوش وغائب.
لكن الحقيقة التي هي أمام الجمهور أن المجلس القادم سيعود مؤقتا، وأنه لا يمثل الكل ولا يمثل السياسة وأن الأزمة ستتواصل إلى استدامة مخيفة. ( السبيل )