حوارات بهذه الشروط ضحك على الذقون

بدءاً من الحوار الذي أجراه الدكتور بسام العموش مع قيادات الحركة الإسلامية، ومروراً بما يتسرب من نية رسمية تجاه تكليف بعض الشخصيات المحسوبة على النظام، بمحاورة الحراكات الشعبية، أرى أن كل ذلك لا قيمة له ولن يجدي نفعاً.
سبب تشاؤمي لا علاقة له بالمنطق العدمي، وإنما هو متصل بما حمله المحاورون الرسميون من رسائل، فقد ثبت أنهم جاؤوا فقط بعنوان الحوار، تاركين المضامين وراءهم خاوية على عروشها.
خذ مثلاً الحوار الذي جرى مع الحركة الإسلامية، فقط عجز المحاور المكلف عن تقديم أي مبادرة تذكر، إذن هو لم يكن محاوراً، إنما وسيط يحاول أن يقنع الإسلاميين بالقبول بالصيغة الرسمية للإصلاح.
ما جرى مع الإسلاميين سيكون نسخة مماثلة للحوار المزمع عقده مع الحراكات، فالوسطاء سيحاولون التحايل والتبرير، وربما التخويف، دون تقديم أي تنازلات تشعر الطرف الآخر بأحقية التحرك من مربعه الذي يقف عليه.
من هنا نلمس أن الجانب الرسمي لا يعنيه في هذه المرحلة إلا تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية يفرد عضلاته بعدها، ويدعي أن ملف «الربيع الأردني» أغلق، وأن المطالبة بالإصلاح أصبحت وراء الظهور.
هذا السيناريو الموهوم لن يمر على الحركات وعلى الإسلاميين بسهولة، فالحوارات العدمية التي يأتي بها الرسميون ستزيد من صلابة الشارع، وستجعله أكثر قناعة بأنه يملك التشويش، ويملك القدرة على الفعل السياسي قبل الانتخابات وفي أثنائها وبعدها.
إذن الضحك على الذقون استراتيجية ستفشل، وكم تمنينا أن يدرك مطبخ القرار دقة اللحظة وطبيعة الأزمة التي يمر بها الوطن، ومن ثم يقومون بتقديم تنازلات حقيقية تعيد السلطات إلى الشعب، وتوصل المشهد إلى حالة توافق حقيقية.
السلطات في البلد لم تعد مقتنعة بتقديم تنازلات، بل هي معنية أكثر بالعمل على التراجع عن كل تنازل قدمه الاستبداد للناس في الآونة الأخيرة.
المحاورون الرسميون لا يحملون في جعبتهم إلا مقولة: «شاركوا، غيروا من خلال البرلمان»، وهي مقولة ساقطة بحكم ما سينتجه القانون الحالي من مخرجات.
مع ذلك أنا أدعو الشارع إلى الدخول في حوار، لكنني أدعوه إلى الانتباه إلى النيات المبيتة، والمضامين الفارغة التي يحملها محاورون رسميون فاقدو الصلاحية. ( السبيل )