الوقت ينفد فهل نستثمره؟

تم نشره الثلاثاء 18 أيلول / سبتمبر 2012 12:15 صباحاً
الوقت ينفد فهل نستثمره؟
جمانة غنيمات

اليوم في الأردن، ثمة أطراف ثلاثة مؤثرة في المشهد السياسي: الدولة، والإسلاميون، والحراكيون؛ فيما الغالبية العظمى أو الأغلبية الصامتة تائهة بين الأطراف الثلاثة.


والعلاقة بين هذه الأطراف ليست في أحسن أحوالها؛ فالإسلاميون قاطعوا العملية السياسية الأهم وهي الانتخابات، وتفاقمت الفجوة بينهم وبين الدولة إلى حدود غير آمنة، لكن السيطرة عليها ممكنة حتى الآن.
يبدو أن باب الحوار بين الدولة والإسلاميين مغلق الإحكام، ولم يعد بالوارد عودة القنوات بين الطرفين، رغم أهمية الحفاظ عليها، خصوصا أن الاستسلام لحالة القطيعة لا يصب في صالح الجهتين، ما يعني بقاء سياسة المد والجزر بينهما مستقبلا.


الإسلاميون بدورهم يسعون إلى إحكام قبضتهم على الحراكيين ووضعهم تحت جناحهم، لتكريس فكرة أنهم المعارضة الأقوى والأوسع في البلاد. لكن الحراكيين متيقظون لهذه المسألة، ويسعون إلى الخروج من جلباب الإسلاميين ليكون لهم طريقهم الخاصة ونهجهم وتفكيرهم المختلف؛ إذ يسعى القائمون على الحراك إلى الابتعاد عن الإسلاميين، لكن ليس بقدر المسافة بين الإسلاميين وبين الدولة.


أما الحراك والدولة فالمسافة بينهما أيضا تزداد، وسقوف شعارات الحراكيين ترتفع. والسبب الرئيس هو سياسة الإهمال التي اعتمدتها الحكومات في التعاطي معهم؛ إذ لم يسبق أن قامت حكومة من الحكومات الأربع السابقة، كما الحكومة الحالية، بفتح باب الحوار معهم من أجل تقريب وجهات النظر والنقاش حول مطالبهم، والتي تتعلق بالأساس بمطالب اقتصادية اجتماعية.


الحكومات والسلطات، حتى التشريعية منها، تعاملت مع الحراك وفق سياسة إقصائية، تقلل من شأنه، على قاعدة أن عدد المشاركين فيه محدود. وهذا صحيح، لكن لا يوجد ما يمنع من الحوار معهم، حتى لو كان عددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليدين؛ فهم أبناء هذا البلد الذين عانوا من التهميش والفقر والبطالة، وفاض بهم الكيل حتى خرجوا إلى الشارع مطالبين بالإصلاح.


حسم الصراع، وتقليص الاختلاف بين العناصر الفاعلة، يعتمدان بالدرجة الأولى على ذكاء هذه العناصر، ومدى قدرة كل منها على استقطاب الآخر ضمن معادلة ثلاثية، من خلال عقد تحالفات بينهم.
في الظاهر، يبدو أن الإسلاميين هم الأقرب إلى الحراك؛ فالطرفان في صف المعارضة. لكن العمق يُظهر اختلافا كبيرا بينهما، خصوصا أن ترتيب الأولويات مختلف بينهما.


الملف الأسخن والأهم بالنسبة للحراكيين محاربة الفساد، وحفظ المال العام والحد من هدره، ويأتي لاحقا توزيع مكتسبات التنمية، ومجابهة الفقر والبطالة، من خلال إعادة النظر في النهج الاقتصادي الذي طبق خلال الفترة الماضية. وليس ذلك أمرا مستحيلا، ففي كل دول الدنيا تجرى مراجعات، ويُعاد النظر في النهج تبعا للنتائج على أرض الواقع.


يأتي قانون الانتخاب والتعديلات الدستورية في الترتيب الثاني من حيث الأهمية لدى الحراكيين، بعكس ما يقدمه الإسلاميون. ما يعني أن فرص الالتقاء بين الدولة والحراك أكبر وأقوى وفقا لهذه المعطيات.
ثمة فرصة قوية لترتيب علاقة طيبة مع الحراكيين، تبدأ من وقف المعالجة الأمنية في التعامل مع شباب الحراك؛ إذ ما المنطق في توقيفهم في محكمة عسكرية؟ وما الغاية من التصعيد ضدهم في هذه المرحلة الحساسة والانتقالية؟ فالمقاربة الأمنية لن تنفع أبدا في إشاعة أجواء مريحة تمهد الطريق لعلاقة صحية مع الحراكيين، وتقلل من منسوب التشكيك بين الطرفين.


التراجع عن الحل الأمني ضد الشباب قد يكون النافذة لنزع فتيل الاحتقان، وفتح حوار حقيقي بينهم وبين الدولة لتقريب وجهات النظر، والتوصل إلى نقاط التقاء بين الطرفين من خلال الاستماع إليهم ولمطالبهم؛ فهؤلاء الشباب مضت عليهم أشهر طويلة في الشارع ولم يجدوا مسؤولا واحدا يجلس معهم ويحاورهم.
الوقت ينفد والشباب ما يزالون في الشارع! لماذا لا نستثمر الحال ونتوصل معهم إلى تسويات تعيدهم إلى الطريق، وتعقلن معارضتهم، ونقدم لهم التطمينات بجدوى الحوار والمشاركة من أجل التغيير المنشود؟
( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات