كلام عام في الاستعمار والدول الوطنية!

يشدّك حجم الفقر في بلد كسيرلانكا، رغم الثروة الزراعية الثمينة، واعتدال الطقس، وحجم العمل الذي تتميز به المرأة، هنا في الأردن كخادمة بيوت وهناك في المزارع وبعض الصناعات الأولية.
وتكشف، دون عناء، أن الفقر والمرض والتخلف في هذا البلد الغني بثرواته الطبيعية ناتج عن مشكل واحد هو: التعليم!!. فالأُميّة العاملة كانت هدفاً من أهداف الاستعمار البريطاني. فسيرلانكا – أو سيلون – كانت في تعريفها الاستعماري تتلخص في شيئين: الشاي والتوابل. مثلما كانت مصر: القطن وقناة السويس.
.. ويبدو – مع الأسف – أن روح الاستعمار تلبست العهود الاستقلالية، فقد بقيت أسباب الفقر والتخلّف كما هي. وإذا كانت المرأة العاملة السيرلانكية تأخذ 200 دولار في الشهر، فهي تأخذ أقل من خمسين دولاراً في بلدها.
عبد الناصر حاول الخروج من خطة التخلّف الاستعماري المفروض، فأمّم القناة، وبدأ بتصنيع مصر في ظل نظام اشتراكي اعتمد فيه على جهاز الدولة غير الاشتراكي فكانت وفاته، الى جانب مغامراته الخارجية غير المحسوبة كحرب اليمن، وجرّه الى حرب حزيران دون استعمال ذكائه الخارق في حسابات الربح والخسارة بمثابة نهاية لمرحلة التصنيع فالانفتاح حول المجتمع المنتج الذي اراده ناصر الى مجتمع خدمات وسمسرة وتدن في مستوى الانتاج.
السيدة ريما خلف الاردنية مساعدة الامين العام للامم المتحدة ورئيسة الاسكوا - سابقا - من الاوائل الذين نبهوا في تقاريرهم السنوية عن اوضاع المنطقة الى خطورة حجم الامية التي ما تزال على ما هي عليه في ريف مصر، وعن غياب التخطيط الاقتصادي حتى في البلاد العربيّة التي ترفع شعار الاشتراكية وسمحت مع ذلك بالانفتاح الذي سماه احد كتاب مصر بالانفتاح السراح مراح.
السيدة خلف تقول الان ان اعادة سوريا الى ما كانت عليه عام 2010 وهو عام لا علاقة له بالعصر الذهبي، يحتاج الى سبع سنوات نتيجة الدمار الذي يحيق بالقطر الشقيق.
والبنك الدولي يتحدث عن عجز في موازنة هذا العام في مصر قدره 27 مليار جنيه، وان قرض البنك المطلوب هو 8ر4 مليار دولار لتحريك السوق وليس لأي شيء آخر. وها نحن في الاردن ليس احسن حالاً, فهناك خوف حكومي حقيقي من تخفيف الدعم على مواد استهلاكية, وبالمقابل فهناك جرأة منقطعة النظير في الاستدانة, وانتظار مساعدات الدول العربية الغنية للاستمرار في دعم كل شيء, من البصل الى الكهرباء, الى المشتقات النفطية, الى الخبز, الى الاعلاف, الى الجامعات.. الى مخيمات اللجوء!!
نحن ودون أن نقلل من شعاراتنا الكبيرة ما نزال نمارس الخطط التي وضعها الاستعمار القديم لحياتنا, ولكياناتنا السياسية, ولقناعاتنا الوطنية والقومية!! ونحسب أننا افضل من سريلانكا او الفلبين لأن عندنا بنات يخدمن في البيوت من البلدين!!(الرأي)