القطب الشمالي يذوب وتحذيرات عالمية من حدوث كارثة

 المدينة نيوز - كشفت بيانات صادرة من مراكز الأبحاث العالمية التي ترصد المناخ على سطح الأرض أرقاماً مفزعة عن ذوبان الجليد في القطب الشمالي بسرعة قياسية لم يسبق لها مثيل، فما كان متوقعاً عدم حصوله قبل العام 2050 يحصل الآن وبسرعة شتتت قدرة العلماء على فهم الظاهرة ووضعتهم في حالة من القلق الشديد دفعت بهم الى توجيه إنذارات الى حكومات الدول الكبرى لضرورة التنبه لما يجري قبل فوات الأوان.

حيث كانت بريطانيا الدولة السباقة في تشكيل لجنة في مجلس العموم لدراسة هذه البيانات وتداعيات ذوبان الجليد وارتفاع حرارة الأرض مع إفراد أهمية خاصة للمسببات، وبعد فترة من التحليل والتمحيص وجهت اللجنة البرلمانية البريطانية نداء الى الشركات والدول التي تنقب عن النفط والغاز في القطب الشمالي لوقف أعمالها بشكل كلي الى حين تحسن وضع الجليد وعودته الى نسبة معينة من الكثافة تعطي ثقة أكبر بسلامة اليابسة وحياة المخلوقات عليها من تداعيات ذوبانه.  

وأشار النداء البريطاني الى أن أغلبية أعمال التنقيب التي تُجرى في المياه القطبية لا تراعي شروط سلامة عدم حصول تسريبات (خلال عمليات استخراج الطاقة وشفطها) وهذه التسريبات تتسبب حتماً في تسريع ذوبان الجليد الذي يؤدي الى مخاطر بيئية على كوكب الأرض لم يسبق لها مثيل، وأوصى النواب البريطانيون في تقريرهم الشركات بأن تراعي أقله مبدأ السلامة وضمان عدم حصول مثل هذه التسريبات في حال أرادت الاستمرار في أعمال التنقيب واستخراج المشتقات النفطية.

النداء البريطاني قد لا يلقى آذاناً صاغية. فبريطانيا غير قادرة على فرض إرادتها على الدول الثماني التي تتشاطر في ما بينها المحيط المتجمد الشمالي وهي روسيا وكندا والدنمارك (غرينلند) وايسلندا والنروج وفنلندا والسويد والولايات المتحدة الأميركية.
ويأتي هذا الإنذار في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي ما يعانيه، فيما ترزح حكومات الدول القطبية تحت ضغوط لضخ المزيد من الأموال القادمة من خلال استخراج النفط والغاز، وتناقلت وسائل الإعلام البريطانية المرئية والمسموعة والمقرؤة مؤخراً هذه الأنباء كاشفة أن الديبلوماسية البريطانية تسعى جاهدة لإقناع الحكومات المذكورة بضرورة وقف التنقيب في أقرب وقت ممكن. وأشارت تقارير إعلامية الى أن تقدماً يتم إحرازه سريعاً لدى الدول الاسكندينافية في حين تبدو روسيا الأقل استجابة لمثل هذه النداءات.

وتضغط الحكومة البريطانية على شركة "بريتيش بتروليوم" التي تعرض عملها للاهتزاز عقب التسرب النفطي الذي حصل في خليج المكسيك ما اضطرها الى نقل نشاطها بشكل أكبر الى القطب الشمالي. ولا تزال هذه الضغوط بين أخذ ورد، لكن آخر التطمينات التي وردت من الشركة أنها تراعي في أعمالها القطبية شروط السلامة وضمانة عدم تسرب النفط الى الطبقات الجليدية.

بيد أن عدداً من العلماء البريطانيين طالبوا حكومتهم بالتأكد من هذه المعلومات، وقدموا أسلوباً جديداً يفضل اعتماده في حال استمرار التنقيب، وهو عبارة عن جدول زمني يسمح بأعمال التنقيب بحسب موسمي الصيف والشتاء القطبيين بما لا يتسبب بضرر فادح للطبقات الجليدية التي تعتبر براداً يحافظ على حرارة الكوكب.
وتجدر الإشارة الى أن أعمال التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من المحيط المتجمد الشمالي بدأت منذ العام 1920. ومنذ ذلك الحين بدأ حجم الجليد القطبي يتقلص خلال العقود اللاحقة، الى أن لفت نظر العلماء في العام 1980.

 ومنذ ذلك الحين يتم رصد مساحة الجليد بشكل دوري وقد أشارت الأرقام الى انخفاض مضطرد خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لكن الأمور بدأت تخرج على السيطرة منذ العام 2007 حيث سجل الذوبان خلال الخمس سنوات الأخيرة تسارعاً غير مسبوق. والأرقام الأخيرة أضاءت الضوء الأحمر بأن الجليد قد ينعدم وجوده كلياً خلال الصيف القطبي بحلول العام 2030 أو 2040، بعدما كان متوقعاً في السابق أن لا يصل الى هذا المستوى قبل سنة 2100.

ويؤدي ذوبان الجليد الى ارتفاع حرارة الأرض وتقلب الفصول الأربعة، وتحول الدورة الطبيعية لمياه الأمطار على المناطق الزراعية من دورة اعتيادية الى عواصف ثلجية في غير مواعيدها وأمطار غزيرة تسبب الفيضانات، كما ينتج عنها في مناطق أخرى فصول طويلة من الصيف تسبب القحط والجفاف.

 اختلال الدورة المناخية الطبيعية يؤدي الى ضرب المحاصيل الزراعية وبالتالي الى رفع أسعار السلع الغذائية ثم الى المجاعات والأوبئة والأمراض التي تقضي على ملايين البشر الذين يرزحون تحت خط الفقر.

( وكالات )