الجوازات و الحدود
تابعت كخبير في الشؤون الأمنية خبر اجتماع المؤتمر العربي 15 عشر لرؤساء أجهزة الهجرة والجوازات والجنسية الذي عقد ضمن إطار الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب مطلع هذا الشهر وقد انتابني شعور بالإحباط واليأس من بؤس الأوضاع في مجال الجوازات والحدود التي وصلنا أليها في الأردن وتخلفنا حتى عن ركب الدول العربية في مجال الجوازات والحدود فغالبية دول العالم قد أفردت مصلحة أو دائرة للهجرة والجوازات والقانون الأردني شأنه شأن كافة القوانين الحديثة في العالم قد تنبه إلى أهمية وخطورة هذا المرفق من مرافق الدولة وكان سباقا في تقنين وسن قانون يعنى بالإقامة وشؤون الأجانب والإجراءات الحدودية فكان القانون رقم 24 لسنة 1973 الذي وافق عليه مجلس الأمة وتوشح بالإرادة الملكية السامية والذي نصت المادة (3 ) منه :على تأسيس أدارة للإقامة وشؤون الأجانب في مديرية الأمن العام ترتبط بوزارة الداخلية مباشرة وتسري على العاملين فيها الأنظمة المطبقة في الأمن العام وقد عرف القانون في المادة 2 منه موظفو الحدود : هم الموظفون الذين توكل أليهم مهمة تسجيل الأجانب في الحدود والتأشير على جوازات سفرهم والتقيد بالتعليمات التي يصدرها الوزير وبالرغم من مرور ما يقرب من أربعين عاما على صدور القانون فان هذه الإدارة وفق الكيفية والنص القانوني لم ترى النور حتى يومنا هذا وان النصوص الأنفة الذكر واضحة لا لبس فيها ولا تحتمل التأويل والاجتهاد مع صراحة النص , وفي نهاية القرن الماضي وفي خطوة غامضة ولأسباب شخصية تفتقر للمصلحة العامة قرر مدير الأمن العام آنذاك تخلي أدارة الإقامة وشؤون الأجانب عن واجباتها من ناحية التأشير على جوازات السفر وتسجيل القادمين والمغادرين لصالح مدير مؤسسة وطنية نقدر جهود العاملين فيها في خدمة العرش الهاشمي والأمن الوطني الأردني ولكن لم يتنبه احد إلى أن ذلك خرقا للقانون وتعطيل لنصوصه وان الأولى في المؤسسات احترام القوانين والالتزام بها قبل مطالبة الأفراد والجماعات بالالتزام بأحكام الدستور والقانون ، ورغم تعاقب مدراء امن على هذا المنصب ألا أنه لم يجرؤ أي منهم على المطالبة بتصحيح هذا الخرق القانوني وتركت الأمور على عواهنها وقد نجد العذر لهؤلاء المدراء كونهم مرتبطين مع وزير الداخلية ارتباطا عضويا وإداريا ولكن ما عذر وزراء الداخلية الذين تعاقبوا على هذا المنصب في السكوت عن واقع الحال وما عذر المؤسسات الدستورية الأخرى التي يوجب عليها القانون السهر والرقابة على تنفيذ القانون و الأدهى و الأمر هو تصريح الناطق الإعلامي في وزارة الداخلية انه لا نية لتعديل قانون الإقامة وشؤون الأجانب رقم 24 لسنة 1973. لقد ثبت من الوقائع الماثلة أمام المحاكم اليوم بان الأخطاء التي ارتكبت على الحدود ما كانت لتحدث لو تم الأخذ بما ورد بالقانون ، أن من أبجديات العمل الإداري في كل دول العالم بان لا تقوم المؤسسات المكلفة بالرقابة على أعمال السلطة التنفيذية بالأعمال التنفيذية كون زمن الرقابة الذاتية قد ثبت فشله في كل دول العالم وإذا قامت السلطة المكلفة بالرقابة بالأعمال التنفيذية فستؤول إلى سلطة مطلقة بدون رقابة تؤدي إلى مفسدة محققه ، أن الإصلاح الذي ينادي به جلالة الملك المفدى لا بد أن يشمل مؤسساتنا الوطنية التي نعتز بها ونفتخر والتي يجب أن توفق أوضاعها وفقا للدستور والقانون لنتمكن من الدفاع عن دولة المؤسسات والقانون ولا يجوز لمؤسسات وطنية أن تتخلى عن واجباتها القانونية لأسباب لا يعلمها ألا الله والاكتفاء بمشاهدة ما يحدث على المنافذ الحدودية كشاهد (ما شافش حاجه)
وأخيرا عادت بي الذاكرة عندما كنت مديرا لأحد المنافذ الحدودية كلما هاتفني مسؤول للاستفسار أو مواطنا للشكوى عن بعض الإجراءات كنت أجيبه حرفيا وبحضور مدراء ومندوبين كافة الأجهزة العاملة في الحدود وما أكثرها أن المنافذ الحدودية هي عبارة عن (مسافر +حقيبة + جواز سفر) ولا علاقة لي بهذه العناصر الثلاث فالحقيبة للجمارك والمسافر وجواز السفر من اختصاص جهة أخرى وانأ مدير (حبر على ورق ) ومسؤول عن أخطاء الآخرين .