الجيش الحر .. نقلوه أم انتقل؟!

تم نشره الأربعاء 26 أيلول / سبتمبر 2012 01:15 صباحاً
الجيش الحر .. نقلوه أم انتقل؟!
عريب الرنتاوي

خصوم النظام السوري، نظروا إلى قرار قيادة الجيش السوري الحر الانتقال بمركز عملياتهم من تركيا إلى “المناطق السورية المحررة”، كنصرٍ جديد للمعارضة، يضاف إلى سجل انتصاراتها المتلاحقة، لا سيما أن الإعلان عن ذاك القرار، قد جاء متزامناً عن إعلان آخر، وعن الجيش الحر وعقيده رياض الأسعد ببدء ما أسماه “معركة تحرير دمشق”.

ولقد قرأنا واستمعنا لكتاب ومحللين سياسيين وعسكريين واستراتيجيين، أحاديث طويلة وعريضة (ليس من بينها حديث واحد عميق)، عن مغزى ودلالة وانعكاسات هذه الخطوة، حتى أن الصديق السوري المعارض ميشيل كيلو، سعى في ربط القرار بإرهاصات فشل “الهجوم الثالث” للنظام على شعبه، متوقعاً في حديث لـ”العربية” أن تكون الأسابيع الثلاثة أو الأربعة القليلة القادمة، حاسمة لجهة مستقبل الأزمة السورية ومآلاتها.

في المقابل، نظر أصدقاء النظام وحلفاؤه، إلى قرار الجيش الحر بوصفه إيذاناً بقرب حدوث “تحول” في المقاربة التركية للأزمة السورية، بل لقد اعتبره بعضهم (متطيراً) بمثابة قرار تركي بإبعاد الجيش الحر، وبداية لسياسة قد يكون عنوانها “النأي بالنفس”، تركيا التي استعجلت التدخل العسكري واستدعت “الأطلسي” مراراً وتكراراً دون استجابة” تذكر، بدأت تستشعر “لسعات الحريق السوري” وقد أخذت تمس النسيج والمصالح ونظرية الأمن التركية، وتستثير جدلا داخلياً تتسع دوائره باستمرار، ويستقطب كل يوم، مزيدا من المعارضين لسياسة العدالة والتنمية ومواقف أردوغان- أوغلو، لكن هل بلغ القلق بأنقرة حد الإنتقال من موقع “رأس الحربة” في الهجوم على النظام السوري” إلى موقع “النأي بالنفس”؟!.

معارضو الداخل، المقاتلون منهم والسياسيون، نظروا إلى قرار الأسعد بـ”عدم اكتراث” ظاهر، بل أن بعض أبرز قادة المسلحين العقيد عبدالجبار العكيدي، رئيس المجلس العسكري في حلب، شن وعبر قناة العربية، وفي البرنامج ذاته الذي تحدث فيه ميشيل كيلو، هجوماً لاذعاً على الأسعد وقيادة الخارج، وفضح ضعف صلتها وتأثيرها على مجريات الأحداث، واتهمها بالإمتناع عن تقديم قرش أو طلقة رصاص، أو حتى إجراء اتصال هاتفي واحد معه أو أيٍ من رفاقه في حلب طيلة أسابيع المعركة المريرة التي شهدتها ثاني المدن السورية.

لقد صبت أقوال العقيد العكيدي، ماءً بارداً على “الأطروحة الإنشائية الجميلية” التي تقدم بها المعارض السوري محي الدين اللاذقاني في البرنامج ذاته، والذي أسبغ على قرار الأسعد هالة من الطهارة والطهرانية والفداء والتضحية، فإذا بالعكيدي الذي تصعب المزايدة عليه، يفضح “الطابق المستور” ويتحدث عن “نهم” في استرداد الأضواء والأدوار، وصراع بين أجنحة المعارضات المسلحة وتياراتها، أين منه “صراع الإخوة الأعداء” بين أجنحتها السياسية.

والحقيقة أن قرار العقيد الأسعد نقل مقر قيادة جيشه الحر إلى الداخل السوري، قد قوبل بكثير من الشك والتشكيك والإتهام من قبل المعارضين السوريين أنفسهم، العسكريون منهم والسياسيون، ولقد اختزل العقيد الكعيدي موقف الجناح المقاتل من المعارضة، فيما اكتفى ميشيل كيلو بالتعبير عن الشك فيما إذا كان الإنتقال قد حصل فعلاً” أم أن الأمر لا يخرج عن إطار “الزيارات” كتلك التي اشتهر برهان غليون الرئيس السابق للمجلس بها، هل تذكرون زيارته التنكرية الخاطفة للشريط الحدودي؟!.

والغريب في أمر المعارضين، سياسيين وعسكريين الذين رحبوا بالخطوة، وأكدوا أنها “ما قبل النهائية” على طريق إسقاط النظام، وأنها ما كانت ممكنة لولا أن ستين بالمائة من الأراضي السورية قد باتت “محررة”، أقول الغريب في أمر هؤلاء، أنهم لا يبادرون للالتحاق برفاقهم في خنادق القتال وميادين التظاهر، أقله في “المناطق المحررة”، ولا يريدون أن “تتكرم” وجوههم بغبار وطنهم المحرر، لكأنهم أقسموا بأن لا يباشروا رحلة العودة للوطن، إلا عبر بوابات “مطار دمش الدولي” حيث يمكن لهم هناك، وهناك فقط، أن يصلوا ركعتي شكر لله على نصره المؤزر.

ما شهدناه من تراشق عنيف وعشوائي بالاتهامات والاتهامات المضادة، أعقب قرار الجيش الحر الأخير، وتربت على انعقاد مؤتمر لمعارضة الداخل في دمشق، يعكس استمرار حالة الانقسام والتشظي في أوساط المعارضة المسلحة والسياسية، ويؤكد التقديرات التي تتحدث عن “انفلات” الوضع في سوريا من دائرة السيطرة والتحكم، وغياب أية استراتيجية موحدة للمعارضة، دع عنك القيادة الموحدة ووحدة المعارضة، الأمر الذي يؤكد من جديد، ما ذهبت إليه وزيرة خارجية أوروبا كارين اشتون قبل أسابيع عندما قالت أن بديل النظام في دمشق، لم ينبثق بعد.
( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات