كيف انفرط قلب أمّه ؟

يعتصرني الألم .. فكيف أكتب عن يزيد؟ .. لقد انسلّ من حضن أمه كخيط دخان دون أن تشفع له خصلات شعره المبعثرة وأصابع يديه الصغيرة. خطف على عجل نتيجة استهتار وتقصير يزيد فوق الألم ألما. يزيد الذي وصل مدرسته بباص المدرسة، ثم ترك وحيداً مع طفولته تقوده إلى صف الدراسة. يزيد «كي جي ون» وجد نفسه وحيدا بمواجهة بركة السباحة في المدرسة ليقع فيها فيجده القائمون على المدرسة بعد ساعات غريقاً.
ياالله .. بي رغبة أن أصرخ بقدر حجم المأساة.. لماذا تغيب المسؤولية ونحن في موقع المسؤولية، لماذا نقيم المدارس ونبالغ في أقساطها ونحن لم نبلغ بعد سِنّ الحرص وسِنّ الضمير. وكيف لأطفال لم يستدلوا بعد على طريقهم داخل أروقة بيتهم،أن يتركوا وحدهم بين جدران مدرسة لا زالوا يتيهون خوفا بين جنباتها.
غابت ضحكاتهم .. غابت وجوههم العذبة .. أطفال يقتلعون من أحضان أمهاتهم ومن خرابيش دفاترهم فيسقطون فوق أصابع الموت بين رمشة عين والتفاتتها، ستظل تفيض بالحزن حكاياهم وسيظلون صفحة تحمل مرارة حروفها وجعاً في دفتر الأيام.
يزيد ..أيها الملاك الغافي في حضن السماء.. مدّ للمستهترين بأعمار أبنائنا أصابع الأتهام، فأنا سأنثر في المسافة بيننا وبينك مساحات الذهول وقلق الأسئلة وبعثرة الأحلام.
وهل تذكرون أريج التي دهست تحت عجلات باص المدرسة بعد أن تركت تقطع الشارع وحيدة ..سأرسم لكما في زرقة الفجر أرجوحة، وقلبا بحجم الأفق، وسأحتفظ لكليكما بكل أعيادكما المؤجّلة.
يزيد، انظر إلى أصدقائك من فوق نجمة في السماء أو أغمض عينيك فوق غيمة.. لعلّ انسكاب ظلك على الأرض يؤنس وحدة كرسيّك في صف «الكي جي ون «.
اللهم قوّ قلب أم انفرط قلبها كحبّات المسبحة.. اللهم احفظ أطفالنا بعين رحمتك من كلّ مكروه. ( الرأي )