الأزمة السورية والعجز الدولي

في كل يوم يمرعلى الازمة السورية تزداد حدة العنف بين الجيش النظامي وقوات المعارضة بما فيها قوات الجيش السوري الحر لدرجة انه يمكن القول بانه لا تخلو محافظة سورية في مختلف انحاء البلاد من اشتباكات وقصف مدفعي وهجوم بطائرات النظام وبشكل يومي ما يؤدي الى مقتل واصابة العشرات ومعظمهم من المدنيين عدا ما تخلفه هذه الاعمال من تشريد ونقص في الغذاء والدواء والماء دون ان يحرك المجمتع الدولي ساكنا حيث يكتفي باصدار الادانات للنظام السوري وتوجيه الدعوات لحل الازمة .
ما يزيد على ثمانية عشر شهرا مرت على الثورة السورية دون ان تحقق الديبلوماسية الدولية تقدما ولو خطوة واحدة للامام على الرغم من بدء المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابراهيمي مهمته اثر فشل مهمة كوفي عنان الذي بذل خلالها جهودا كبيرة اسفرت عن وضعه الخطة السداسية التي لا تزال من افضل الحلول السلمية ،وتبع ذلك فشل بعثة المراقبين الدوليين التي بدأت عملها في شهر ايار الماضي التي كان ينبغي عليها ان تراقب مدى التزام الاطراف السورية المتنازعة بوقف اطلاق النار الذي لم يدخل حيز التنفيذ ولو لساعة واحدة ، اذ لم تحقق هذه البعثة شيئا يذكر جراء مهمتها كون اعدادها(300 مراقب في احسن الاحوال ) لم تكن كافية حتى لتغطية مدينة واحدة من مدن سوريا التي تواصلت فيها الاشتباكات العنيفة وعمليات القصف البري والجوي طيلة فترة تواجدها على الاراضي السورية اولا ،واشتداد العنف والعنف المضاد في مختلف مناطق سورية في الآونة الاخيرة لدرجة ان اعضاء البعثة امضوا معظم اوقاتهم في الفنادق بدلا من متابعة مهمتهم ثانيا ، ونجم ذلك كله عن التباين في المواقف في مجلس الامن الدولي وتغليب الدول الكبرى مصالحها على المصلحة العامة لدرجة ان سوريا اصبحت مرشحة لنشوب حرب اهلية لا احد يستطيع التنبؤ بنتائجها كما انها اصبحت مرشحة لتكون ساحة لتصفية الحسابات بين مصالح تلك الدول .
نحن لا ننكر صعوبة مهمة الامم المتحدة في سوريا لا سيما في ضوء الانقسامات في مواقف الدول الكبرى في مجلس الامن حول هذه القضية، وتواصل القتال ووقوع المزيد من المجازر في العديد من المدن السورية وعدم وجود اي احتمال للحل السلمي او الانتقال السياسي للسلطة في المدى المنظور ، وقد عبر عن ذلك الابراهيمي نفسه حين اعلن بعد لقائه اعضاء مجلس الامن عن خطورة الوضع الانساني في سوريا وان الازمة تتفاقم فالرجل لا يملك عصا سحرية ولايجوز ان يترك وحده في الساحة لكي يجد حلا مناسبا ، كما ان ذلك لا يعني ان يبقى مجلس الامن والدول الكبرى والعالم مكتوفي الايدي وفي موقف المتفرج الى ان ينتصر احد الطرفين على الاخر وهو امر لا يبدو قريبا مع تواصل تلقي كل طرف الدعم العسكري واللوجستي والفني من الاطراف الدولية الموالية وهو ما يشجع على استمرار الاقتتال .
ولعل اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ولقاءات زعماء الدول تشكل فرصة للعمل على وقف معاناة الشعب السوري ، فالاوضاع في سوريا تنزلق نحو منحدر خطير قد يقود الى حرب طائفية تهدد ليس فقط امن سوريا واستقرارها وسلامة ووحدة اراضيها وتماسك شعبها بل تهدد امن واستقرار المنطقة باسرها ما يتطلب تحركا ديبلوماسيا عربيا ودوليا بمشاركة فاعلة من الدول التي تدعم النظام السوري وعلى رأسها روسيا للضغط على الرئيس بشار الاسد للقبول بالانتقال السلمي للسلطة في سوريا اذ ان وقف سفك الدماء وتحقيق الامن والاستقرار وضمان وحدة اراضي وشعب سوريا اغلى من كل التضحيات . ( الرأي )