صندوق الائتمان العسكري

تأسس صندوق الائتمان العسكري في 2010 برأسمال بلغ 140 مليون دينار، وهو رأسمال يفوق ذلك المطلوب لتسجيل البنوك المحلية في الأردن. وسيخدم هذا الصندوق ما يفوق 170 ألف موظف ومتقاعد في الأجهزة الأمنية في الأردن من خلال توفير القروض للعقارات وشراء الأراضي وتمويل البناء ومواده.
كما بدأ الصندوق فعلا بتمويل القروض لثمانية آلاف موظف في الجيش بقيمة 47 مليون دينار ولفترات تصل إلى 15 عاما مقابل تحويل الراتب للصندوق، كما نشرت الصحف الرسمية بأن الصندوق سيقدم لمنتسبيه خدمة السحب الآلي، أي أنه بذلك سيعمل تقريبا كبنك ولكن بتخصص لفئة كبيرة ومهمة من القوة العاملة في الأردن.
ومن دون أي شك، فإن ما يقدمه الصندوق يعتبر خدمة مهمة لحماة الوطن وتكريسا لازما لمصادر الأردن لتمكين هؤلاء النشامى من حياة كريمة خلال وبعد فترة الخدمة. وكاقتصادي، ورغم تأييدي لأهداف هذه البادرة من حيث المبدأ، لا بد وأن أتساءل عن مدى نجاعة الفكرة وتماشيها مع أفضل الممارسات العالمية.
فلقد جرت العادة أن تقدم الحكومات هذه الخدمات من خلال البنوك القائمة كأن تضمن لهم قروضا ميسرة وبفوائد أقل من المتوسط لأنها تكفل لدى البنوك سداد هذه القروض من دون منافسة البنوك على واحدة من أكبر الشرائح الائتمانية.
كما تستطيع الحكومة أن تفاوض البنوك على نسب فوائد متدنية كون هؤلاء الموظفين مضموني الدخل ويعملون لفترات طويلة تفوق فترة القرض وفي المؤسسة أو المؤسسات ذاتها ، وبالتزامها بتحويل رواتب موظفيها للبنوك فإنها تقلل من أي مخاطر يحتسبها البنك، مما سيؤدي أيضا إلى تقليل سعر الفائدة. أيضا، يضاف إلى ذلك أن حجم شريحة المقترضين التي تشكل 13 % من القوة العاملة سيجعل الموقع التفاوضي قويا مع البنوك، ويمكن الحكومة من الحصول لموظفيها على نسب فوائد متدنية.
وإذا جمعنا التخفيضات المحتملة نتيجة الميزات الموجودة من جانب، وتحفظ البنوك الأردنية من جانب آخر ورغبتها في إقراض موظفي الدولة (في جناحيها المدني والأمني) لثبات دخلهم ووظائفهم، نجد أن من الممكن أيضا تحقيق وفر آخر، حيث أن البنوك لخبرتها في هذا المجال وتمتعها باقتصاديات الكم والنوع ستقدم هذه الخدمة بكفاءتها المعهودة وبخصوم قد لا تتحقق للصندوق، ومن دون داع لإيجاد مؤسسات حكومية إضافية قد يعتقد بعضهم أنها عودة عن نهج التخاصية الذي اتبعه الأردن منذ ما يقارب عقدين من الزمن. ولأن البنوك تخضع لرقابة البنك المركزي فسيتحقق وفر إضافي مع بطلان الحاجة لوضع معايير رقابية أو أجهزة رقابة داخلية على مؤسسة عامة جديدة.
أكرر أن الفكرة ضرورية، وستشجع قطاع العقار بشكل مباشر من حيث توفير التمويل لفئة مهمة من موظفي الحكومة، وسيستفيد منها مقاولو وعمالة قطاع العقارات ومنتفعوهم. ومن أجل تعظيم المنفعة، أعتقد أن من الأفضل لو أن التمويل كان سيتم من خلال المؤسسات القائمة في القطاع الخاص كالبنوك، لأننا بذلك نخلق فرص عمل إضافية للبنوك، كما ستستفيد الحكومة بذلك أيضا من الضرائب على الدخل المتحقق من فرصة التمويل هذه للبنوك . ( العرب اليوم )