سياسة وليست علاقات عامة!

لا يرى الأردنيون في حضور جلالة قائد الوطن لاجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، واتصالاته بالقيادات العالمية، أنه يقوم بحملة علاقات عامة!!.
فإلى جانب اتقانه، حفظه الله، لأساليب العلاقات العامة الحديثة والمؤثرة، إلا أن العمل السياسي شيء آخر، والديبلوماسية شيء مختلف.
لم نلحظ هنا في الأردن الدعاية بالعملية السياسية، مع أن الواحدة تسند الأخرى. ولنأخذ مجموعة أمثال لسياسات مارسناها في العقود القليلة الأخيرة:
- منها الآن موقف الأردن من الكارثة السورية، فقد تصوّر الكثيرون، أن أوضاعنا الاقتصادية تفرض علينا «استغلال الفرصة» السورية للحصول من أصدقاء سوريا الأغنياء على معونات لقاء دور ما أردني في الحدث السوري. فكان ردنا على هذا التصوّر موقفاً سياسيّاً رزيناً لا يلهث وراء المتحمسين للحروب. وقد تأخرت معونات الأشقاء والأصدقاء طيلة الأشهر التسعة الماضية، لكننا مع ذلك لم نرتجف، وراهنا وما زلنا نراهن على صمود شعبنا ووعيه، دون الالتفات إلى حركات تبتز الدولة، وتزعزع الثقة بها. فهناك قناعة بأنّ الأزمة ستصبح وراءنا في وقت قصير.. بمظاهرات أو بدون مظاهرات باعتصامات أو بدون اعتصامات!!.
- ومن هذه السياسات التي مارسناها موقفنا من العراق: فقد ساندناه طيلة ربع قرن حين كان يقاتل دفاعاً عن البوابة الشرقية، ولكننا لم نسانده في غزوه الكويت، وطبعاً لم نساند الولايات المتحدة وحلفاءها.. وطرحنا حلاً عربيّاً يحافظ على كيان الدولة الكويتية، ويحافظ على الدولة العراقيّة.. ولكننا فشلنا، ودفعنا ثمناً غالياً له، وشهدنا ما حدث في الحرب على العراق، وما ترتب عليها في الكويت، وها نحن نرى بأمّ العين كيف استحال العملاق الذي تصدى للهجمة السوداء إلى شعب يعطش وهو على ضفة الفرات ودجلة، وينعم بانقطاع الكهرباء وهو يبحث عن طرق للتخلص من الغاز بحرقه. ونرى أمواله تذهب برداً للسماسرة والميليشيات، ويخضع للهيمنة الإيرانية!!.
- ومن هذه السياسات موقفنا من فلسطين فنحن الوحيدون الذين لم نشارك في فتح فروع مخابراتية للفصائل الفلسطينية التي أخذت القضية المقدسة إلى اخطر المراحل التي مرت بها ونحن الوحيدون الذين بقي الفلسطيني عزيزا مكرما في وطن المهاجرين والأنصار فلم نلق بهم خارج الحدود كما حدث في العراق وليبيا ولم ندمر مخيماته كما يحدث الآن في سوريا ولبنان وقد تمنى الكثيرون من المتاجرين بفلسطين وشعبها ان يكون أيلول 1970 نموذجا لما حدث في صبرا وشاتيلا وتل الزعتر ومخيم اليرموك وساء سعيهم.
- في خطاب قائد الوطن في الجمعية العمومية يجد المتابع الق الفكر السياسي الأردني حين يتحدث الملك عن سوريا وعن القدس معا وحين يطرح المخارج الأردنية للازمتين.
- لقد سمعنا بفيض شديد كلام احد المروجين للحرب على بلده يقول إن الأردن يشحد ويستعطي على اللاجئين السوريين وربما كان هذا سبب المقال كله، فالأردن آوى آلاف الهاربين بأرواحهم من قمع الطاغية لكنه لم يحرضهم على الاحتجاج وعلى الثورة ولم يعدهم بفنادق خمسة نجوم في الزعتري فهذا الذي يزعج المتاجرين هو المكان الذي يقيم فيه الأردنيون نهضة زراعية عظيمة، وهو المكان الذي نعده لأكبر تجارة ترانزيت ولأكبر الصناعات التحويلية.(الرأي)