زحف الإخوان المقدس ... أم طاولة الحوار الوطني
يشهد العالم العربي ربيعاً متنوعاً في مخرجاته بين بلد وأخر وهو إن كان في بعض البلدان العربية تفجر مطالباً بالإصلاح إلا أنه تحول بسبب المعالجة الأمنية الكارثية لبعض الأنظمة إلى المطالبة بتغيير تلك الأنظمة وهو ما تحقق في عدة بلاد وعلى رأسها مصر وتونس وليبيا وبمقدار ما حصل في اليمن حيث تغير الرئيس مع بقاء معظم النظام وبالنسبة لسوريا فلا يزال النظام الأسدي يراوح مكانه لكنه سيمضى إلى مصيره المحتوم المؤكد وهو الزوال
إما بالنسبة إلينا في الأردن فإن الحراك الشعبي يرفع شعاراً واحداً وهو المطالبة بالإصلاح في ظل النظام وتحت عباءته وعلى رأس هذا الحراك جماعة الإخوان فهم خرجوا للمطالبة بمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح مع تأكيد قيادات بارزة في الجماعة على الولاء لمؤسسة العرش
بالطبع لا يخفى على أحد بأن جماعة الإخوان في الأردن قد استفادت من الربيع العربي والذي تفجر في الأساس من أجل المطالبة بحريات وإصلاحات داخلية حيث جعلها هذا الربيع تغير تكتيكها من التركيز على القضايا الإقليمية إلى التركيز على قضايا البلد الداخلية مما جعلها تكسب المزيد من الشعبية إذ ليس من المنطق أن يستمر الإخوان في الأردن بالتظاهر من أجل غزة ورفع الحصار عنها كما كانت تفعل سابقاً بينما بقية الحراك الشعبي يطالب بمحاربة الفساد والإصلاح الداخلي وبالتأكيد لا يعني هنا أني ضد التظاهر من أجل نصرة غزة لكن يدرك كل مواطن أردني بأن جماعة الإخوان لم يسبق لها أن نظمت مسيرة ضد رفع الأسعار قبل الربيع العربي
ومعلوم بأن نبتة الفساد جذورها راسخة منذ عقود في البلاد ومع ذلك لم نشاهد جماعة الإخوان تخرج قبل أحداث الربيع العربي للمطالبة بمحاربة الفساد أو حتى للمطالبة بإصلاحات دستورية ومع ذلك نقول أنه من حق الإخوان كونهم حزباً سياسياً أن يسير وفق مجريات الواقع ووفق المصالح السياسية للجماعة كغيره من الأحزاب السياسية
فاليوم وجد الإخوان أن أفضل الطرق وأكثرها فاعلية في تحقيق مآرب الجماعة هو التركيز على الشأن الداخلي وهم الأن يعدون العدة للخروج في مسيرة تحت مسمى الزحف المقدس أو إنقاذ عمان في يوم الجمعة الموافق الخامس من تشرين الأول وبالطبع بغض النظر عن المسميات ومدى منطقيتها ومدى ملائمتها لمجريات الأحداث في الساحة الأردنية إلا أني أقول أنه يجب عدم إثارة الناس وتخويفهم من هذه المسيرة سواء أجمع فيها الإخوان خمسين ألفاً أو مئة ألف
فمن حق الحراك الشعبي بما فيهم جماعة الإخوان تسيير المسيرات ما دامت أنها ذات طابع سلمي ومن واجب الدولة توفير الحماية للمسيرة والمساهمة على تأمين سلميتها وهذا يتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين جماعة الإخوان والدولة حتى يتم ضمان سلمية المسيرة وحمايتها من كل عابث يريد إثارة الفتنة
أعتقد بأن قيادات الإخوان واعية بأن الفتنة لن تنفع أحد وأن الخير للجميع في التظاهر السلمي ولذلك فإن على الجماعة في مقابل حملات التخويف من هذه المسيرة أن تطلق حملة طمأنة للناس بأن المسيرة هي مسيرة سلمية ذات أجندة وطنية وأنها لن تختلف عن ما سبقها إلا في كونها تقدم رسالة قد تكون أقوى بأنه لا بد من إصلاح حقيقي وأنه لا بد من محاربة الفساد
لكن على الجماعة أن تدرك في نفس الوقت أن السياسة لا تناقش في الشارع وحده بل لا بد من طاولة لحوار وطني تشارك فيها الجماعة فتقدم مشروعها الإصلاحي للمجتمع ولتكن هي المبادرة في توحيد الأحزاب والحركات الشعبية تحت مشروع إصلاحي يقدم للدولة وللمجتمع على طاولة حوار تهدف إلى إنقاذ الوطن من أجل مصلحة الجميع فهل يقوم