عندما تعجز " المستقلة " عن إنفاذ القانون..!!
يشكو رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب من عدم اكتراث المسؤولين المعنيين بتعليمات الهيئة، فقد سبق للهيئة أن طالبت عدداً من الجهات الرسمية بإزالة اليافطات الانتخابية التي بدأت تغزو شوارعنا وطرقاتنا الرئيسية بحجة دعوة الناس للتسجيل واستلام بطاقاتهم، وهي حملات دعائية مخالفة للقانون، ومع ذلك تنامت الظاهرة بصورة ملفتة دون أن يحرك الحكام الإداريون ساكناً، وكأن الأمر لا يعنيهم، أو كأنهم يجهلون بأن الترشيح والدعاية الانتخابية لم تبدأ رسمياً بعد وفقاً لأحكام القانون..!!
ماذا بوسع الهيئة المستقلة أن تفعل وهي لا تملك جهازاً تنفيذياً يمكّنها من تطبيق القانون بنفسها، بل هي وفقاً لقانونها تستعين بالأجهزة الرسمية المختلفة التي عليها أن تذعن لطلباتها، وأن تساعدها على تطبيق القانون، ومع ذلك فإن الهيئة تطلب على استحياء، فمن أجاب كان به، ومن لم يجب فلا حول لها ولا قوة، حتى غدت عاجزة عن إنفاذ القانون، وأنصع دليل على ذلك مظاهر الترشّح الواضحة والأسماء التي بدأت تعلو وتطفو على السطح وتخاطب الناس بلغة الانتخاب في سباق محموم مع الزمن قبل أن يبدأ الزمن..!
وليس هذا فحسب بل ثمة تجاوزات قانونية في عملية التسجيل ذاتها، فليس من المقبول مثلاً أن يتم إجبار أي مواطن، يراجع الأحوال المدنية لإنجاز معاملة ما، على التسجيل للانتخاب واستلام بطاقته الانتخابية أولاً كشرط لإنجاز معاملته الأخرى، فهذا لا يتفق لا مع القانون ولا مع الدستور، والقانون لم يُلزم أي مواطن بالتسجيل، بل ترك ذلك لمحض اختياره ورغبته، كما أن التساهل في منح مجموعة كبيرة من البطاقات الانتخابية لشخص واحد يتسلمها باسم أصحابها دون أن يمتّ لهم بقرابة الدرجة الأولى، وهو ما يسمى بالتسجيل الجماعي، إضافة إلى تدخلات بعض الحكام الإداريين في عملية التسجيل بما يشكّل تعدياً على صلاحيات الهيئة المستقلة، كل ذلك ينطوي على شيء من عدم الحياد ويقدح في نزاهة العملية.. وهناك منْ يقول بأن العسكريين يجبرون على تسجيل ذويهم وأفراد أسرهم واستلام بطاقاتهم الانتخابية، وهذا يقدح كذلك في عملية التسجيل ويرسم شكوكاً حول نزاهتها..!!
نريد أن تمارس الهيئة المستقلة للانتخاب مسؤولياتها بقوة ودون أي تنازل أو تساهل، لأن أياً من هذا أو ذاك سوف يؤثر على مجرى العملية الانتخابية تأثيراً سلبياً، وبالتالي لن يتحقق حلمنا بإنجاز انتخابات عامة نزيهة وحيادية وحرة، لا بل يمكن أن ينجم العكس وأن نعطي شرعية لانتخابات محفوفة بالشبهات والشكوك واللاشرعية، فهل تقبل الهيئة المستقلة على نفسها أن تقوم على إدارة انتخابات على هذه الشاكلة، وأن تكون ديكوراً لعملية انتخابية قد تكون بشعة لا ناصعة..!؟
مطلوب أن يتحرك رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب ومفوضو الهيئة بسرعة فائقة، وأن لا يكتفوا بالمطالبة بالتصحيح، وإزالة التجاوزات القانونية الكثيرة، بل عليهم أن يقوموا بالتأكد بأنفسهم من كل شيء، وأن يبرهنوا للناس بأن العملية تسير وفقاً للقانون وأن لا أحد فوق القانون، وأن أصحاب النفوذ والمال لن يُميَّزوا عن غيرهم، وما لم تفعل الهيئة ذلك، فإنني كمواطن ومهتم ومراقب أدعو رئيس الهيئة ومفوضيها إلى مغادرة مواقعهم فوراً، لأن منْ يفشل في الأمور السهلة سيفشل حتماً فيما هو أصعب، والقادم أصعب بالتأكيد، كما أدعو رأس الدولة إلى أن يحاسب كل مسؤول قصّر في أداء واجبه في إنفاذ القانون ولم يتعاون مع الهيئة المستقلة في وقف التجاوز على القانون والاستخفاف بالتشريعات الضامنة لنزاهة الانتخابات، وعلى رأس هؤلاء الحكام الإداريون الذين سيكون لنا معهم مقالات أخرى نكشف فيها تقصير بعضهم وعجزهم وضعفهم عن النهوض بمسؤولياتهم على مختلف الصُعُد..!