هل حسم الأمر حقا ؟!

السيناريو الذي قدمه رئيس الوزراء كالتالي: ارجاء دورة البرلمان تمهيدا لحله، ثم صدور ارادة ملكية بحل البرلمان يليها استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، ثم الدعوة لاجراء انتخابات برلمانية تترك صلاحيات تحديد موعدها للهيئة المستقلة، وهذا الموعد - بالتقدير الرسمي - سيكون في نهاية هذا العام او في منتصف الشهر الاول من السنة القادمة.
في سياق هذا التصور، من المتوقع ان يصل عدد المسجلين للانتخابات نحو مليوني مواطن وان يجري تشكيل قوائم انتخابية تضم عددا كبيرا من الشخصيات من مختلف الاطياف في السياسة والعشائرية، بحيث تكون بعضها “بديلا” للاخوان المسلمين وغيرهم من القوى المقاطعة، وثمة تسريبات تشير الى ان عددا من اقطاب السياسية والبزنس بدأوا فعلا “بمشاورات” لخوض الانتخابات وفق وصفة “الحكومة البرلمانية”، وان شخصيات محسوبة على “الطرف الاسلامي” بدأت التنسيق لاستقطاب “اسلاميين” خرجوا عن “الجماعة” او اخرين مستقلين لضمان وصول “كتلة” اسلامية للبرلمان تعوض عن غياب نواب “الاخوان”.
على الطرف “المعارض”، تتجه الانظار نحو “المسيرة الكبرى” التي دعا اليها الاخوان المسلمون واستقطبوا حتى الان نحو (70) حراكا من مختلف المحافظات، مما يعني ان دعاة “المقاطعة” لم يستسلموا لهذا السيناريو، وان حساباتهم تنصب على امكانية “تغيير” هذه المعادلة، لا ندري - بالطبع - هل سيتمكنون من ذلك ام ان “ارادتهم” ستكسر امام اكتمال التجهيز الرسمي للخروج من الازمة من بوابة التسريع في حسم قضية الانتخابات واجرائها بمن حضر.
حسب استطلاعات الرأي، ينقسم الاردنيون “مناصفة” بين من يرى اننا نسير في الاتجاه الصحيح ومن يرى اننا نسير في الاتجاه الخطأ، فيما يعتقد نحو نصف المستطلعين انهم سيشاركون في الانتخابات، وهذا يعني ان مجتمعنا اصبح “منقسما” على نفسه تجاه “مشروع الاصلاح” ويخشى ان تدفع الانتخابات - كما حصل في الماضي - الى مزيد من “الانقسام” والتشظي، لانه اذا حصل سيعمق الازمة بدل ان يجد “مخارج” لتجاوزها.
حين ندقق في المشهد اكثر سنلاحظ اننا امام “حالة اردنية” صعبة، فنحن سندخل الى موسم الانتخابات وسط مناخات سياسية مضطربة، ومجتمع غير قادر على حسم خياراته، ومعالجات لا تحظى بتوافقات شعبية، و”شارع” ما زال قادرا على الحركة وعلى الاحتجاج ايضا. وهو يستمد حضوره من “واقع” محلي مثقل بالازمات الاقتصادية وبغياب موزاين العدالة وبتركة ثقيلة من “ملفات” الفساد التي تراكمت - فتحا واغلاقا - دون ان تحسم قضائيا، وواقع اقليمي ملتهب ومفتوح على مفاجآت لا نعرفها، ناهيك عن حسابات دولية ما زالت تنتظر لمن تنحاز وفق “حسبة” مصالحها، خاصة بعد ان تنتهي من مشاغلها “الانتخابية” او الاخرى التي تراها “الاهم”.
لا يمكن لي - على الاقل - وانا اشعر بمرارة الانسداد السياسي ان اتصور بان “الباب” اصبح مغلقا امام اية تفاهمات وطنية تخرجنا من هذه “الثنائيات” المقلقة، لكن يبدو ان ثمة من يدفع نحو تعميق الأزمة أكثر، وثمة من يريد ان نصل الى الجدار، وكأن التجارب التي مرّت بنا طيلة العامين المنصرمين لم تؤثر فينا وتجعلنا اكثر “عقلانية” واكثر “فاعلية” لتجنيب بلدنا ما يحيق به من اخطار.
لا يهم على من تقع مسؤولية هذا “الانسداد” ولا من يبادر الى النزول “من فوق الشجرة” المهم هو وقف منطق “المعاندة” والمكاسرة، ورؤية “البلد” بعيون مفتوحة على الحاضر والمستقبل، والاهم من ذلك كله هو النظر الى ما تقدمه استطلاعات الرأي، وما نسمعه يتردد في الشارع، وما نعتقد انه “مصلحة البلد” لكي نقدم منطق الحوار على المناكفة، ومنطق التفاهم على الاصرار العدمي والرهانات غير الصحيحة.
( الدستور )