سيدي عمر
يُطل من بين اهداب عتمة الليل عسى (جمانه أو هاشم ) ينهضان باكراً وعساهم يحتاجون الحليب باكراً وعساهم يريدون اللعب معه في بقايا هذا الليل الطويل ...ولكن جمانه غارقه بالنوم بجانب هاشم حيث تغار منه كثيراً فتحاول ان تخبئ البسته والعابه واحذيته الجميله ..
لينهض سيدي عمر .. يقترب منهما
يمسح على شعريهما علهما ينهضان ولكن دون جدوى !!
والليل طويل حتى باتت اشعة الشروق تلمع في سماء المكان ..
الحمد لله اخيراً خلّصت من هذا الليل الطويل ..
سأذهب لأحضر لجمانه وهاشم من (الكّرم القديم ) صباحات (التين ) وهي تلامس الندى
فقطفهما باكراً ينعش القلب .
وبداء يفتح باحة المنزل بهدوء شديد ..
ماراً بصباحات الخير والسلام على كل الذين كانوا يرافقونه رحلة الصباح ..
الحجه (فضيه) ,والحاج (سليمان) واحمد و..و...
لتسقط دمعه تغّسل الوجهه والشعر الذي يغطي مساحات من وجهه الصبوح ....
ويمر من خلف امتعة السفر التي بقيت ماثله برائحة الحجه (فضيه) تعطر صباحه
قائلاً : الله يرحمك يا حجه الله يرحمك ..
ينظر في دفتر العائله ليقول إنها صورتها ...
أنها يوم قررنا الحج .. ذهبنا وتصورنا
واليوم لا اجدها ...
يمضي الى كرمه القديم (يقطف التين ) الذي عطره الندى ويعود ..
شاقاً رحلة العوده من أطراف مقبرة القريه .
يسلم ..السلام عليكم جميع
فلا..... راد عليه غير قلبه ..
وغير صدى يئن في ذاكرته هنا كانوا وهنا كنا ..
فيعود الى باحة المنزل بكل هدوء ...
وقد اصبح النهار مشرقاً وشمسه تعانق الجدران ..
ثم يتسلل بكل هدوء الى المطبخ فيغسل (التين ) من غبار الليل ..
ويمضي الى (جمانه وهاشم ) ..
ويدخل بينهما كطفل ثم يبداء يداعبهما ..
أن استيقظا ..
ثم تمسك جمانه الطفله الشقيه بيد سيدي عمر ..
ثم تقول له (هاشم يقول عنك ) ...إنك لاتود ان تقص علينا قصه ..
الشاطر حسن هذه الليله ..
ابداً يا جدي .. سوف اقص عليكما هذه القصه هذا المساء ...
ثم يمضيا الى باحة المنزل ..
فيقول إنظرا ماذا أحضرت لكما ... (تين )
جمانه وهاشم ... كل هذا (إلنا)
نعم لكما...
ثم يذهب سيدي عمر الى غرفته التي تحتوي على مجموعة من الذكريات التي تعج بإشياء كثيره
أشياء (تجعله ) يستذكر كل الذين جلسوا هنا ذات يوم ..
فهنا ..كثيراً
ما جلس الجميع امام هذا المذياع (القديم ) الذي كان يقص حكايات من حكايا الشهامه البدويه والفلاحيه في حياة الاردنيين عبر إمتداد حدود الوطن , وهنا كثيراً ما جلس الجميع يحتسون القهوه من ايدي (ستي فضيه) , ويجلسون ينتظرون يوم الجمعه (مسلسل غليص ), ويتسامرون بقصائد أبو (محمد ) الذي كان يحفظ الشعر كثيراً وكان يكتب الحروف ويغني مع الفلاّحين في موسم (الحصاد) وينشد ترويدة المطر في يوم شتاء ....
رحل سيدي عمر ...
وترك الارض التي جف فيها صوت (الماء ) ..
وترك لنا صوره ماثله امام طاولة التلفاز ...
وترك لنا لباسه القديم ومنديله المهدب وعقاله الشامخ .. وترك لنا رائحة عطره من مكه او المدينه ...
وترك لنا امتعة الدار القديمه , تطارحها الشمس لحظات الشروق والغياب , وترك لنا ساعته القديمه ومذياعه وعصاه التي حملها كثير من الوقت في رحلة السفر ما بين (الكرم ) وباحة الطريق والناس يلقون عليه السلام ..
سيدي عمر ..
تسأل عنه (جمانه وهاشم ) في كل صباح ..
ترى لماّ الغياب يا سيدي ... عمر ؟
وترى هل سيعود ...؟
اسئله تحتاج من سيدي عمر الأجابه ...
هل ستعود !!
يا سيدي عمر !!
saleh_tarawneh@hotmail.com