محاكاة لـ «مذبحة ماسبيرو» في ذكراها منعاً للنسيان وأملاً بعدالة تأخرت

تم نشره الثلاثاء 09 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 04:12 مساءً
محاكاة لـ «مذبحة ماسبيرو» في ذكراها منعاً للنسيان وأملاً بعدالة تأخرت

المدينة نيوز - الموظفتان المتكئتان إحداهما على الأخرى، وكل منهما تحمل كيساً بلاستيكياً متخماً بسندوتشات الجبن والمربى لزوم الإفطار، اتفقتا على أن «حكاية» الاعتصامات والإضرابات راحت عليها واختلفتا في شأن هوية من أعلنوا الاحتجاج أمام المبنى اليوم. الأولى تؤكد أن سكان الدويقة المطالبين بشقق سكنية سيعودون، لكن زميلتها تجزم بأن معلمي الكادر وعمال الغزل سيعتصمون. لكن الحقيقة أن كلتيهما نسيت ما حدث في مثل هذا اليوم قبل عام واحد مضى. وحين أخبرهما موظف الأمن أن الاحتجاج المرتقب يأتي في مناسبة مرور عام بالتمام والكمال على ما سمي ثورياً بـ «مذبحة ماسبيرو» و «الأحد الدامي» وأطلق عليه رسمياً «أحداث ماسبيرو» وتم توصيفه عملياً باعتباره أحد أبشع حلقات المرحلة الانتقالية، ما كان من إحداهما إلا أن أطلقت شهقة طويلة، في حين خبطت الثانية بيدها على صدرها قائلة: «يا لهوي! مر عام كامل على هذا اليوم الأسود؟!».
ويبدو أنه لكثرة الأيام السوداء التي مرت على المصريين، أو بالأحرى مر عليها المصريون، من دون إجابات شافية أو توضيحات مقنعة أو حتى قصاص عادل، باتت ذكرياتها تتداخل في تشابك رهيب. رهبة المشهد أمام مبنى التلفزيون الرسمي الشهير بـ «ماسبيرو» في يوم 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2012 لم تتغير كثيراً عن عام سبق. صحيح أن آثار الدماء التي غمرت الكورنيش مساء هذه الليلة اختفت، وعادت المركبات العسكرية إلى ثكناتها، وعاودت الآلاف التي ينوء بها المبنى ازدحامها أمام الباب الضيق الوحيد المتاح للمرور، إلا أن هالة من الكآبة تحكم قبضتها على المكان.
تمتمت الموظفتان بأسى بالغ: «الله يرحمهم». واستكملتا محاولات الانحشار للوصول إلى المصعد في داخل المبنى. لكن خارج المبنى، مازال السلك الشائك بهيئته الرثة ومدلولاته القبيحة يأبى أن يفصح عن حقيقة ما حدث في مثل هذا اليوم.
سائق الأجرة الذي يقف في آخر السلك وتحديداً أمام البوابة المعروفة بـ «باب الوزير» (والتي كانت مخصصة لوزيري الإعلام السابقين والمسجونين حالياً صفوت الشريف وأنس الفقي) منتظراً توصيلة هنا أو ضيفاً خارجاً لتوه بعدما أدلى بدلوه يقول إن حظه العاثر قاده إلى هذا المكان قبل عام مضى.
رأى السائق جموع الشباب القبطي ومعهم بعض المسلمين الذين جاؤوا في تظاهرة احتجاجية ضد اعتداء على كنيسة وكيف تطور الأمر ليتحول يوم الغضب القبطي إلى مذبحة سالت فيها الدماء. يقول: «لا أتذكر سبب غضب الشباب في هذا اليوم! ولا أريد أن أتذكر مشاهد الدهس والعنف، لكني أريد أن يعرف الجميع من قام بهذه المجزرة».
هذه الرغبة في المعرفة التي باتت أشبه بحلم بعيد المنال مصحوبة بتصميم على الإبقاء على ذكرى من ماتوا حية في القلوب، مضافاً إليها أمل في أن تأخذ العدالة مجراها ويتم إعلان القتلة ومحاسبتهم، قبل أن يأخذ النسيان مجراه وتتم إحالة الشهداء والقتلة معاً على أرشيف يسقط بالتقادم.
وإذا كانت أحداث هدم كنيسة الماريناب في محافظة أسوان دفعت الشباب القبطي إلى تنظيم مسيرة غاضبة مساء 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 توجهت من حي شبرا إلى «ماسبيرو»، فإن المجزرة التي راح ضحيتها 35 شاباً دفعت الشباب إلى محاكاة المسيرة نفسها في الرابعة من مساء اليوم تتبع المسار نفسه رافعة راية «المجد للشهداء».
ولأن «المجد للشهداء»، فإن وحدة الصف ينبغي أن تكون للأحياء. ولذلك فإن 35 حزباً وحركة وائتلافاً أعلنت مشاركتها من دون رفع شعار سياسي أو رمز فئوي. لكن عشرات الشعارات تفجرت من بين صفوف الثوار الأصليين إحياء لذكرى الشهداء. فبين «افتكروهم» و «مش ناسيينهم» و «حاكموا القتلة» و «حتى لا ننسى»، يحيي من لا يزال غاضباً من المصريين الذكرى اليوم بوقفات صامتة، وصلوات متضرعة، وكذلك «تغريدات» بعضها صب جام غضبه على الحكومة الحالية لأن ملف المذبحة مازال يخضع لعملية تمييع، والبعض الآخر يطالب بتكثيف مطالبات محاسبة قيادات المجلس العسكري المقالة والمقلدة بقلادة النيل، بينما قدم آخرون وصفة سحرية للذكرى المنسية «قاوم الفلاش باك... لا تجلس وحدك... لا تلوم نفسك... الثورة مستمرة».
ورغم هتاف الرئيس محمد مرسي في خطابه التاريخي في استاد القاهرة هذا الاسبوع: «ثوار أحرار هنكمل المشوار» غير مرة، إلا أن هناك من ينتقد «التناقض» بين الخطاب الثوري وغياب الإعلان عن أي مشاركة من قبل جماعة «الإخوان المسلمين» أو ذراعها السياسية (حزب الحرية والعدالة) في هذه الفعالية الثورية.

( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات