الأنتخابات... و وفاء البغال الأصيله و نفاق البشر ...؟
مرة أخره و في زمن أصبح فيه الوفاء ( سلعة ) نادرة .. وتعطلت فيه لغة الشهامة ،، خاصة في زمن هذه الشعارات الانتخابية الكاذبة للبعض ؛؛ استذكرت حكاية المرحوم يوسف الازرعي التي نعى فيها ذات يوم وفاء الانسان للانسان حينما قال " لم يبك على جروحي وآلامي الا هذا البغل " الذي لم يوشي بي ،، حتى أجد نفسي بعد يوم وقد زج بي في السجن .أعجبتني حكاية الازرعي التي لايزال يستذكرها بعض كبارالسن في الاردن ، والتي تقول ان هذا الرجل وبعد ان حصل على شهادة الهندسه الزراعيه من تركيا في اواخر الخمسينات ، تقدم بطلب وظيفة في وزارة الزراعه انذاك ورفض طلبه اكثر من مره بسبب انتمائه للحزب الشيوعي الذي كان محظورا في ذلك الوقت ،، الا انه وبسبب حاجة وزارة الزراعة لمثل شهادته وكفاءته فقد تم تعيينه مهندسا زراعيا في احدى المشاريع الزراعية الجديدة ، ولكن اصدقائه الذين كانو يلتقون به يوميا ، ويأكلون من زاده ويثق بهم كثيرا أوشوا به بنفاقهم المعهود وحسدهم ، وكانوا يكتبون ضده الامر الذي استدعى الوزارة ان تتخد قرارا بنقله الى مستنبت في قرية نائية في محافظة جرش ، كان يشرف فيه على مجموعة من العمال والمزارعين ، وبسبب عدم توفر الاليات الزراعية انذاك ، قرر المطالبه ( بشراء بغل محترم ) من أجل استخدامه للحراثة في ذلك المستنبت ..
ولكون الازرعي كان مغرما بالبساطة والسهر ( والكيف ) فقد إستأنس لهذا البغل الذي كان يقدم له العلف والشعير بكميات كبيرة ، ويقدم له الماء المخلوط بقليل من المشروبات المنعشة التي كان معتادا المرحوم على تناولها حتى اصبح ( البغل ) يجد فيها متعة وارتواء … كان يخاطبه وكأنه صديقه … يحاوره ويشكو له همومه وأحزانه ، حتى شعر ذات يوم أن هذا البغل بكى عليه وسالت دموعه وفاء لصديقه عندما هجره الاصدقاء والصحب …
وتمر الايام ويزداد فيه وفاء البغل لصاحبه بعد أن وشى به الاصدقاء الذين اوصلوه للسجن حتى أخذ يعشق البغل لدرجة انه كان لا يفارقه لحظة … وعندما كان يسأله الاخرون عن سر تعلقه بهذا البغل كان يجيبهم قائلا .. لو تعلمون ،،، إن هذا البغل أوفى منكم ومن أصحابي وأصدقائي … صدقوني أنه بكى لاوجاعي في الوقت الذي لم يبك علي فيه احد من الاصدقاء والمقربين ... لوعلمتم لما تعجبتم …
وبعد فترة من الوقت اصيب المهندس الازرعي بمرض عضال ، إنتقل بعده الى رحمة الله ، وأثناء جنازته كان صديقه البغل يشعر بالألم والمرارة حتى أنه أخذ يصهل بصوت يبعث على الحزن ،، ولم يمر اسبوع واحد حتى مات البغل ولحق بصديقه وفاء له .
هذه الحكايه جعلتني أتوقف عند نفسي لأنعى مرة أخرى الوفاء بهذا الزمن الصعب الذي اصبح فيه النفاق والنميمة ؛ هو شعار البعض الذي تـُنحر امامه المروءة والشهامه دون هوادة ، وتسود فيه مظاهر الكذب والاحتيال وسرقة الاوطان و كل العادة .
وفي النهاية أقول هل بقي في هذا الزمن المر من أمثال هذه البغال المحترمة والاصيله التي كانت تحرث الارض بكل وفاء واصاله .. لأمنحها صوتي وأكسب ودها وأخلاصها من هنا رحم الله البغال الأصيلة …. ؟!