محمد المستريحي يكتب : الخل أخو الخردل والجميع في "حيص بيص "
المدينة نيوز - خاص - كتب محمد المستريحي : - طبول المناوشات ما زالت تدق.. معركة كسر العظم مستمرة.. الأبواق ذاتها ما زالت تُسبّح بحمد الحكومة والأجهزة آناء الليل وأطراف النهار.. الأقلام المأجورة تتفنن في تجريم وتخوين وشيطنة قوى الحراك الشعبي.. والملك أعلن أن الانتخابات ستُجرى بداية العام الجديد، وحالة الإستنفار على أشدها وتسخير كافة موارد الدولة لزيادة عدد المسجلين للانتخابات.. وفي حال أُجريت الإنتخابات وفق القانون الحالي وفي معزلٍ عن "الإخوان المسلمين " وتيارات الحراك الشعبي والسياسي، فإننا حتماً سنواجه برلمان مِن نوع "الخل أخو الخردل "!.
الأردنيون جنحوا نحو الإصلاح بحراك شعبي سلمي.. إلا أن التعامل معهم قائم على أساس أنهم رعايا، وليسوا شركاء في الحكم وصناعة المستقبل!!.. فالأردنيون يريدون إصلاحاً حقيقياً وإرساء دعائم دولة المواطنة والمساءلة وسيادة القانون والتعددية السياسية.. أما الفريق الحاكم تنحصر رغباته في الاستمرارية وبقاء الأمور على حالها، إذا أمكن!!.. والمطالبات الشعبية والجماهيرية العريضة، حسب وجهة نظر "الأجهزة " ورأي رئيس الحكومة "الفطحل " فايز الطراونة، هي "زمجرة " ليس أكثر!!.
مبدأ العدل ومعاييره مختلة ومصابة بالعمى.. والمهمشون والمهملون والمغبونون في الأردن بالملايين، نتيجة إختلال المعايير، وهذا الواقع صناعة رسمية بحتة، مدخلها الأساسي التفريق بين الناس بدواعي واهية ومغلوطة.. وللاسف يُنظر إلى المواطنة على أنها واجبات بلا حقوق وإلتزام وحيد الإتجاه، ويُنظر الى بعض ما يناله المواطن على أنه مكارم لا حقوق.
مبدأ الخلل ناتج عن الإهتمام بـ "القلة الأهم " وإهمال الأكثرية أو العامة مِن الناس، فلا يُنظر إليهم إلا كسواد يُغطي رقعة ليس أكثر، وحسب الفلاسفة وخبراء علم الإجتماع السياسي، فإن هذا النهج يكون مقبولاً في الكيانات الخاصة، إلا أنه لا يصلح للإدارة دولة، فلشركتك الخاصة تستطيع إختيار أو إقصاء مَن شئت، أما الدولة فلا تستطيع إقصاء أحد أو تهميشه أو تجاوزه، فالدولة لمواطنيها كافة.. والأساسيات عندما تُفقد لا يُنزع إلى تبريرها كالكماليات، فعندما يجوع الإنسان أو يرى أولاده جوعى أو تُحجز حريته أو تُسلب كرامته أو يُكسر قلمه ويُحجر على رأيه، لا يُتوقع منه أن يترنم بحب الوطن، إنما هو بالأحرى سيكفر بكل شيء –والكفر هنا بالمعنى الإجتماعي وليس الديني- ولسان حاله يقول: "إذا مت ظمآناً فلا نزل المطر ".
السيناريوهات متعددة وأحلاها مر.. الجميع في "حيص بيص ".. الهذيان وغياب اليقين مستمر.. حكومة "أبو الفوز "، حسب تعبير صديق لنا، راحلة خلال ساعات، وحكومة جديدة قادمة.. وأنا شخصيا، لست متفائلاً بما هو قادم.. والمكتوب يُقرأ مِن عنوانه.. فالإصلاح الذي يريده الفريق الحاكم عنوانه فضفاض وجميل لكنه أجوف وبدون أي محتوى حقيقي.. وإذا بقيت الدولة وكأنها كيان خاص، فإنها حتماً ستتحول إلى مصنع لتفريخ المهمشين، ويا حبذا الحذر مِن سخط المهمشين الصامتين، فما هُم إلا بمثابة قنابل موقوتة تنفجر في أي لحظة.
إنَّ ما نكتبه حقيقة، والحديث بصراحة قد يكون مُضرَّاً بسبب ما يتبعه مِن حظر وتضييق، فهل نستطيع أنْ ننتزع حقَّنا في القول الآن؛ ليأتي جيل راشد ينتزع كلَّ حقوقه، ولو بعد حين؟.