ماذا بعد مسيرة الخامس من تشرين الأول ؟
شهدت الساحة الأردنية خلال الأسابيع السابقة للمسيرة التي دعت إليها جماعة الإخوان استقطاباً كبيراً للشارع الأردني بين مؤيد للحكومة ومعارض لها وقد كان هناك تخوف كبير في أن تتحول هذه المسيرة إلى الشرارة التي ستفجر الأوضاع في البلد لكن بحمد الله تعالى فإن وعي وحرص كافة الأطراف سواء أكانت في المعارضة أو الموالاة أو حتى الأجهزة الأمنية كان مانعاً من حصول ما لا يحمد عقباه
بالطبع من حق المواطن الأردني أن يخرج في مسيرات سلمية تعبر عن توجهاته السياسية سواء أكانت هذه التوجهات مع أو ضد الحكومة وسواء أكانت هذه التوجهات من وجهة نظر البعض صحيحة أو خاطئة فمن حق المواطن التعبير عن رأيه ما دام أن رأيه يندرج تحت الإطار العام للمجتمع الأردني بمعنى أن المسيرة ليس فيها أي خروج عن أخلاق المجتمع وليس فيها أي دعوة إلى العنف أو الصدام المجتمعي
إن المسيرات بحد ذاتها تعد إحدى وسائل التعبير لكن يبقى السؤال المهم وهو ماذا بعد المسيرات ؟ فالعمل السياسي لا يتوقف عند مسيرة هنا أو هناك بل أنه يستند إلى برامج سياسية يجب أن تظهر للعلن ليطلع عليها المجتمع وليقوم أهل الاختصاص بتحديد جدوى تلك البرامج ومدى قابليتها للتحقيق في ضوء التطورات الموجودة على الساحة المحلية والدولية
فجماعة الإخوان في الأردن نجحت في حشد عشرات الآلاف للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد لكن هل جهد جماعة الإخوان يجب أن يبقى محصوراً في تحشيد الجماهير للمطالبة بالإصلاح أم أنه يجب على جماعة الإخوان أن تشارك في وضع الآليات اللازمة للقيام بعملية الإصلاح ومحاربة الفساد ؟
أعتقد بأن على جماعة الإخوان أن تثبت للجميع بأنها تمتلك البرامج والآليات اللازمة لتنفيذ الإصلاح والنهوض بالوضع السياسي والاقتصادي للبلد لذا فإن عليها أن تدعو كافة القوى السياسية في الأردن إلى طاولة حوار وطني تمهيداً للخروج من الأزمة السياسية الراهنة أما إن كانت الجماعة لا تمتلك البرامج السياسية أو الاقتصادية فهنا تكمن المشكلة إذ أن الصراع السياسي يجب أن يكون بين البرامج أما في حالة عدم وجود البرامج فإن هذا يدل على وجود أطماع سلطوية ورغبة في تحقيق المكاسب الحزبية
مما لا شك فيه أنه توجد هناك برامج حكومية وسياسات اقتصادية تسير عليها الحكومات المتعاقبة ومن هذه البرامج والسياسات ما جلب الخراب كبرنامج الخصخصة أو برنامج التحول الاقتصادي أو سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى غير ذلك من برامج وسياسات فاشلة لكن يبقى السؤال وهو ما هي برامج جماعة الإخوان باعتبار أنهم أكبر حزب معارض ؟ قد يقال بأن البرامج موجودة وعندما نصل إلى الحكومة البرلمانية سنظهر هذه البرامج لكن هذا الكلام مخالف للسياسة والمنطق بل يجب على كل حزب تقديم برامجه ورؤيته السياسية والتي سيسير عليها في حال استلام السلطة
فمن حق المواطن أن يقف على برامج وسياسات كل حزب أو جماعة وأن تكون هذه السياسات واضحة حتى تتم المحاسبة عليها فيما بعد إذ ليس من المنطق أن أزعم بأني أمتلك برنامجاً للنهوض بالبلد ثم بعد استلام السلطة أقول بأن برنامجي عبارة عن مجرد أفكار كما أنه ليس من المعقول بأن أزعم بأنه يجب التخلص من الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد المحلي ثم يكتشف الناس بعد استلام السلطة بأن سياستي قائمة على الارتماء في الحضن الأمريكي وصندوق النقد الدولي لذا لا بد من وضوح الرؤية والبرامج وأن يكون هناك شفافية في طرحها أو في الإعلان عن عدم امتلاك تلك الرؤية أو البرامج ...