توسط من أجل الغاز المصري

ليس مفهوماً كيف يطلب وزير الخارجية ناصر جودة من الحركة الاسلامية التوسط لدى الحكومة المصرية بشأن إمدادات الغاز، فتعلن الحركة استعدادها وتتجهز للسفر، وقبل اقل من يوم تصرح الحكومة أنها تفاهمت مع مصر بشأن الغاز، ما استوجب اعلاناً للحركة بزوال اسباب المهمة طالما تم الاتفاق وانتهت المشكلة.
فهل المسألة بهذه الصورة حقا؟ وهل يعقل ان يكون وزير الخارجية بلا علم ليطلب وساطة الاخوان، أم أن القصة برمتها انه لم يقصد التوسط، وإنما الاشارة الى الحكومة المصرية التي شكلها الاخوان المسلمون في مصر كمعيق للامر، ليغمز من خلالهم نحو الاخوان في الاردن، ليضيف جديدا إلى ما صرح به صحفيا عندما تحرش بهم بإعلانه متندرا ان مسيرة الجمعة من ثمانية آلاف مشارك مقابل مليونين مسجل للانتخابات؟
ولأن استجابة الحركة الاسلامية للتوسط أتت سريعة وغير متوقعة، وانتشر خبرها كالنار في الهشيم؛ ما عكس استحسانا واعجابا وتقديرا لها من شتى الاوساط الشعبية لم يأخذ بالحسبان، وشكل مفاجأة وصدمة لفريق التحريض ضد الحركة الذي ما زال على رأس عمله، ما استوجب اجراء سريعا منه جاء اعلانا عن تفاهم الحكومة مع مصر حول الغاز؛ لوقف كسب الاخوان من عمل وطني.
ولسحب ما قد تكون الحركة الإسلامية قد حصدته من شعبية باستعدادها لعمل وطني؛ جراء قدرتها ومكانتها للتوسط بقضية بحجم استيراد الغاز المصري، انطلقت ضدها في ذات الوقت حملة اشاعات عن حل المجلس التنفيذي للإخوان بقرار من التنظيم الدولي، ووجود خلافات وانشقاقات واستخدام جائر لأموالها، أجبرتها على الرد والتوضيح، ولم يكن خافياً على فريق التحريض أن الطلق الذي لا يصيب يزعج، ويعد هذا إنجازا بالنسبة إليه.
كان من الممكن أن يكون الامر بداية خير لعودة أجواء التفاهم بين المكونات الوطنية للدولة، يفضي إلى استعدادت متبادلة لتقديم التنازلات، واعتماد مبدأ الحوار واعادة الاعتبار للهدوء والاستقرار، بدل الاستمرار بتوسعة أجواء التوتر والقلق، وكان ممكناً أيضاً استعادة روح العلاقات الأخوية والحميمة القائمة على الاحترام والحق والواجب، غير أن هناك من يصر على إضاعة الفرصة تلو الأخرى بالشد العكسي، دون اعتبار للعالم من حولنا الذي يفرض التغيير فيه دون هوادة.
( السبيل )