عملية السلام..إكرام الميت دفنه !
تم نشره الخميس 18 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 12:54 صباحاً

عريب الرنتاوي
جميع الأطراف “المتورطة” بما يسمى “عملية السلام”، تدرك تمام الإدراك، أنها تتعامل مع “جثة هامدة”، لا حراك لا ولا رجاء فيها، مع أنها جميعها، وهنا تكمن المفارقة، تحاذر من البوح بموت هذه العملية، وتتفادى العمل بالقاعدة الذهبية: “إكرام الميت دفنه”.
الفلسطينيون، بمن فيهم أكثرهم حماسةً لخيار “المفاوضات حياة”، توصلوا لهذه القناعة، وإن بعد طول ألم ومعاناة كبيرين، وجُهد مُبددٍ ووقتٍ ضائع...بيد أنهم يستنكفون عن استخراج “شهادة وفاة” لعملية استنزفت أزيد من عقدين من نضال الشعب الفلسطيني ونكبته...وأحياناً تجدهم “يجربون المُجرب” أو يهربون إلى الأمام...والسبب ببساطة، أنهم ما عادوا يمتلكون القدرة والرغبة في اشتقاق طريق آخر، يعرفون ونعرف، أنه بحاجة لنهج جديد وإستراتيجية جديدة وقيادة جديدة.
ولا تختلف حركة “خصوم التسوية السياسية ومناهضيها”، المحسوبين على “معسكر المقاومة” بتلاوينه الإسلامية والقومية واليسارية، عن حركة “نهج المفاوضات والاستسلام”، إلا من حيث “طبيعة اللغة والشعار” المُستخدمين في التعبير عن “العجز” و”المراوحة” و”اللهاث على أصغر المكاسب وأكبرها، يختلف الحال بالطبع بين فصيل وآخر من حيث حجمه ونفوذه ودائرة تحالفاته وشبكة مانحيه.
الإسرائيليون، هم أكثر “خلق الله” معرفة بهذه الحقيقة، كيف لا وهم أنفسهم من خطط لهذه النتيجة وسعى في دفع العالم بمجمله، للوصول إليها...ألا تذكرون وعد شامير بإدخال العرب في مسار تفاوضي يمتد لعشر سنوات، حين وجد نفسه مرغماً تحت الضغط الأمريكي للذهاب إلى مدريد...لقد صدق شامير ووفى بوعده، وجاء من بعده من طور الوعد وجدد القسم، فإذا بالعملية تدخل عقدها الثالث، ومن دون نتائج تذكر، غير تقطيع الوقت وتوفير المظلة لآلة الاستيطان العملاقة...أما الجدل المحتدم في إسرائيل، فيدور بين “معسكر سلام حمائمي” يقبل بانسحاب أحادي من نصف الضفة الغربية، وآخر “صقري” يفكر جدياً في ابتلاع الضفة كلها، وهو يعكف على إجراء حسابات الديموغرافيا بميزان من ذهب.
العرب يعرفون ذلك، ولكنهم منصرفون في ربيعهم وخريفهم إلى أولويات أخرى، ليست فلسطين في صدارتها، بل ولا من ضمن “العشر الأوائل” من هذه الأولويات، بعد أن صارت إيران بدل إسرائيل، هي العدو، وبعد أن حل الصراع السنّي الشيعي محل الصراع العربي الإسرائيلي، وبعد أن تعددت مصادر تهديد هذه الأنظمة والحكومات، ولم يعد موضوع “الخطر الصهيوني” وارداً على البال.
الأنظمة القديمة، مشغولة في تحصين أمنها واستقرارها في مواجهة هبوب الريح العاتية، المتأتية من الشوارع والميادين العربية، ...والأنظمة الجديدة، ستظل حتى إشعار آخر، تتلمس مواطئ أقدامها، وتسعى في تثبيت حكمها، وتغذ الخطى للتسلل إلى مختلف “زواريب” السلطة ومفاصلها.
المجتمع الدولي، يعرف ذلك تمام المعرفة أيضاً...لكنه غير راغب في التدخل..ومن تتوفر لدوله ومجتمعاته الرغبة، تعوزه القدرة على الفعل الحاسم أو المُحدث للأثر...وأية “مغامرة” من نوع إعلان نهاية هذه العملية، ليس له من معنى سوى خلق أزمات جديدة، تزيد في تفاقم ما هو قائم من أزمات.
الجميع إذن، يعرف نهاية هذه الطريق، والجميع وصل خط النهاية بكل تأكيد، كل طرف لا يريد أن يكون البادئ في “استصدار “شهادة الوفاة”...كل طرف يرغب في إرجاء تجرّع هذه الكأس المُرة لأطول فترة ممكنة....في هذه الأثناء، يفقد الفلسطينيون مع إشراقة كل صباح، المزيد من الأرض والحقوق والدم والأمل...ويتلقون جرعات إضافية من اليأس والإحباط، ستتحول ذات يوم، وقد لا يكون بعيداً، إلى شحنات صاعقة تؤذن بالانفجار الكبير.
( الدستور )
الفلسطينيون، بمن فيهم أكثرهم حماسةً لخيار “المفاوضات حياة”، توصلوا لهذه القناعة، وإن بعد طول ألم ومعاناة كبيرين، وجُهد مُبددٍ ووقتٍ ضائع...بيد أنهم يستنكفون عن استخراج “شهادة وفاة” لعملية استنزفت أزيد من عقدين من نضال الشعب الفلسطيني ونكبته...وأحياناً تجدهم “يجربون المُجرب” أو يهربون إلى الأمام...والسبب ببساطة، أنهم ما عادوا يمتلكون القدرة والرغبة في اشتقاق طريق آخر، يعرفون ونعرف، أنه بحاجة لنهج جديد وإستراتيجية جديدة وقيادة جديدة.
ولا تختلف حركة “خصوم التسوية السياسية ومناهضيها”، المحسوبين على “معسكر المقاومة” بتلاوينه الإسلامية والقومية واليسارية، عن حركة “نهج المفاوضات والاستسلام”، إلا من حيث “طبيعة اللغة والشعار” المُستخدمين في التعبير عن “العجز” و”المراوحة” و”اللهاث على أصغر المكاسب وأكبرها، يختلف الحال بالطبع بين فصيل وآخر من حيث حجمه ونفوذه ودائرة تحالفاته وشبكة مانحيه.
الإسرائيليون، هم أكثر “خلق الله” معرفة بهذه الحقيقة، كيف لا وهم أنفسهم من خطط لهذه النتيجة وسعى في دفع العالم بمجمله، للوصول إليها...ألا تذكرون وعد شامير بإدخال العرب في مسار تفاوضي يمتد لعشر سنوات، حين وجد نفسه مرغماً تحت الضغط الأمريكي للذهاب إلى مدريد...لقد صدق شامير ووفى بوعده، وجاء من بعده من طور الوعد وجدد القسم، فإذا بالعملية تدخل عقدها الثالث، ومن دون نتائج تذكر، غير تقطيع الوقت وتوفير المظلة لآلة الاستيطان العملاقة...أما الجدل المحتدم في إسرائيل، فيدور بين “معسكر سلام حمائمي” يقبل بانسحاب أحادي من نصف الضفة الغربية، وآخر “صقري” يفكر جدياً في ابتلاع الضفة كلها، وهو يعكف على إجراء حسابات الديموغرافيا بميزان من ذهب.
العرب يعرفون ذلك، ولكنهم منصرفون في ربيعهم وخريفهم إلى أولويات أخرى، ليست فلسطين في صدارتها، بل ولا من ضمن “العشر الأوائل” من هذه الأولويات، بعد أن صارت إيران بدل إسرائيل، هي العدو، وبعد أن حل الصراع السنّي الشيعي محل الصراع العربي الإسرائيلي، وبعد أن تعددت مصادر تهديد هذه الأنظمة والحكومات، ولم يعد موضوع “الخطر الصهيوني” وارداً على البال.
الأنظمة القديمة، مشغولة في تحصين أمنها واستقرارها في مواجهة هبوب الريح العاتية، المتأتية من الشوارع والميادين العربية، ...والأنظمة الجديدة، ستظل حتى إشعار آخر، تتلمس مواطئ أقدامها، وتسعى في تثبيت حكمها، وتغذ الخطى للتسلل إلى مختلف “زواريب” السلطة ومفاصلها.
المجتمع الدولي، يعرف ذلك تمام المعرفة أيضاً...لكنه غير راغب في التدخل..ومن تتوفر لدوله ومجتمعاته الرغبة، تعوزه القدرة على الفعل الحاسم أو المُحدث للأثر...وأية “مغامرة” من نوع إعلان نهاية هذه العملية، ليس له من معنى سوى خلق أزمات جديدة، تزيد في تفاقم ما هو قائم من أزمات.
الجميع إذن، يعرف نهاية هذه الطريق، والجميع وصل خط النهاية بكل تأكيد، كل طرف لا يريد أن يكون البادئ في “استصدار “شهادة الوفاة”...كل طرف يرغب في إرجاء تجرّع هذه الكأس المُرة لأطول فترة ممكنة....في هذه الأثناء، يفقد الفلسطينيون مع إشراقة كل صباح، المزيد من الأرض والحقوق والدم والأمل...ويتلقون جرعات إضافية من اليأس والإحباط، ستتحول ذات يوم، وقد لا يكون بعيداً، إلى شحنات صاعقة تؤذن بالانفجار الكبير.
( الدستور )