ياللعيب:أ َكْذَبُ من مُسيلمة الكذاب !!!
لااحد يثق بسياسي،ولايؤمن بمسؤول بعد ما انكشفت للملأ سوءاتهما ومساؤهما.فالانحراف ديدنهما،الا القلة القليلة الباقية من ذوي الضمائر الحية،والبقية المتبقية ممن لازال يغطي وجوههم نور حياء،وينير دروبهم سراج رجاء.السمة الغالبة عندنا هي وقوع السياسي في الكذب،وسقوطه في الوصولية بمجرد اعتلائه صهوة الوظيفة،اذ ان المنفعة غايته الغائية،فيما المسؤول ينحرف عن جادة الصواب،ويخرج عن سنن الحق الاستقامة تبريراً لتحسين اوضاعه،وتأمين مستقبله،لتكون المُحصلة السقوط في "جورة " التهلكة باشكالها المختلفة وإشكالياتها المعقدة.اذاً،الاثنان فقدا مصداقيتهما،وفقدا ثقة الناس بهما.إشكالية من اخطر ماتواجهه الدولة الاردنية،خاصة بعد ارتفاع مناسيب المصالح الشخصية،وتعدّد مراكز القوى،وتضخم التكتلات الشللية،مقابل إنخفاض حاد بالانتماء والقيم الوطنية .
*** الاعلام الرسمي والصحافة شبه الرسمية لاتقلان سوءاً عن السياسي والمسؤول، فهما من ذات "العُلبة "، لذلك لااحد يتابعهما،واذا حدث لامر ما،خارج عن المألوف والمعروف فلا احد يصدقهما،حتى نشرتهما الجوية مدعاة للشك والتندر.وللاسف ماينطبق عليهما ينطبق على "الكتبة " الكذبة الذين يغطون اقلامهم بمحابر مغشوشة،ويكتبون باقلام تنضح زوراً،تراهم لاينفكون عن المديح المذموم بعيداً عن صفات الممدوح، والمبالغة في الانجاز المكذوب.مهماتهم لم تعد التحليل والتنوير والاضاءة وملاحقة المعلومة،بل قلب الحقائق،وتزييف الواقع،مع عزف منفرد من الردح المقزز بين الفواصل،لدرجة ان بعضهم إنحدر الى ادنى مستويات التسطيح الاعلامي،والضحالة الفكرية مما يضيق عنه النطق،ويعجز عنه الوصف،ويبعث على القيء.
*** خلطة سرية،وتركيبة معقدة،نتج عنها وجبة عجيبة كالوجبات الامريكية السريعة،شهية المظهر،مسمومة المخبر. هم نرجسيون اصحاب فكر أُحادي،عُصابيون دفعهم احساسهم المرضي بانتفاخ الشخصية،وتورم الانا،للتمسك الاعمى بآرائهم الى حدود التعصب مما سد عليهم منافذ النور حتى غدا واحدهم،لايرى في العتمة الا نفسه،ولايسمع في الصمت المطبق الا شخيره، لكنه في الملمات الصعبة، نعامة تدفن رأسها في مزبلة، وتُسّلمُ مؤخرتها للريح.
*** المتطرفون من اهل اليسار،والمتشددون من جماعة اليمين من الحزبيين الرماديين،اكثر بلوى واشد بلاءً، فقد ظهروا للكافة انهم الاسوأ تجذراً بالزيف والتزييف،والاشد إفراطاً في عبادة الذات،فيما الانتهازية هي قاسم الجمع بينهم رغم تناقضهم الفكري. فما ان تُلوّح الدولة لهم بمنصب حتى يقفزوا من النقيض الى النقيض،يخلعون قناعاتهم كما يخلعون احذيتهم،لتتماهى مع المستجدات الجديدة،تماماً كالثوري الذي "شلح " لباسه المموه وارتدى الدشداشة ليقبض بالعملة النفطية،لان الخيانة عنده وجهة نظر،لكن "لينين " المُنّظر الثوري الذي خبرهم ابان الثورة البلشفية لخصهم بالقول: ان المثقف هو اقدر الناس على تبرير خيانته .
*** الانكى في انقلابهم على ذواتهم،انهم يتنكرون لماضيهم ،ويُسفّهون معتقداتهم السابقة،تراهم الأعلى جعيراً دفاعاً عن مواقفهم "الحداثية "،والاكثر حماساً في حمل الفؤوس لتحطيم "اصنامهم القديمة "من اجل غسل اياديهم من تاريخهم وتبرأة ذواتهم،وإثبات صدقيتهم، لاينفكون عن تمجيد الحكومات بمناسبة ومن دون مناسبة، بالاعلان انها الاصوب والابقى وهي المبتدأ والمنتهى حتى لو اخذت دور البلطجي او قاطع طريق.والسنتهم تلهج بالشكر لله الذي اكرمهم بـ "اليقظة " من بعد طول غفلة ،ومَنَّ عليهم بـ "الصحوة " من عميق "الغفوة "،واصبحت قبلتهم الدولة.
*** كذابون من طراز رفيع،وإنقلابيون شرسون بحثاً عن مغانم دنيوية،فأهون افعالهم تغيير قناعاتهم،وتبديل مواقفهم،سلوكياتهم لصيقة بشخصياتهم المريضة التي يُعبًرون عنها بالخداع والتملق والتذلل،ثم يتقنّعون باقنعة الرياء. وقد اختلط عليهم،ان القيم الوضيعة لايفصل يفصل بعضها عن بعض، وكأن ما بينها ابواباً دوارة تفضي الى بعضها.
*** اللافت في هؤلاء ان اكثر مايخيفهم ميزان العدل،وسداد الراي،وحكمة الصواب.انتهازيون من طراز رفيع، لايحتاجون سوى قرآءة محايدة لسبر اغوار شخصياتهم المتهافة، لتدرك باليقين القاطع انهم اكثر الناس جهالة،فالتجارة بالمبادىء تجارة خاسرة وان كانت رابحة وظيفيا ومالياً، تعرف خسارتهم من سيماهم المفضوحة،ولحن اقوالهم.فهم مجرد طواحين كلام،رغم ثرثرتهم الممجوجة،لكنهم لايقولون شيئاً يستحق الاصغاء .
*** وجه الاثارة عندهم،والباعث على الرثاء عليهم،ان واحدهم يتجنب الاعتراف بينه وبين نفسه انه قطع شعرة معاوية بينه وبين ربه،وبينه وبين ضميره،وبينه وبين الناس،وظل يُكابر انه مازال ممسكاً بها،بينما الحقيقة الساطعة تشي انه حلق لحية معاوية على الناعم، ولم يدع منها شعرة واحدةً ليتاجر بها او يفاوض عليها.
*** لهذا نقول: ان الدولة فقدت هيبتها بسبب قلة هيبة هؤلاء الذين تسللوا الى مفاصلها،فاخذوا يتحدثون باسمها،مع ان اسماءهم ارتبطت باللاثقة والشبهة،ولكي تسترد الدولة ثقة مواطنيها،وتعود هيبتها الى سابق عهدها،عليها كنس هؤلاء وكنس روثهم الكريه من اسطبلاتها.
*** ان بقاء هذه "الاشكال " في الواجهة،سيشكك في مصداقية الدولة ،وقدرتها على الانتقال بمواطنيها الى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لذلك سنبقى ندور حول انفسنا في متاهة الدولة الحائرة،وصداع هتافات الحراك الشعبي العالية على مدار العام،ودُوار صرخات المطالبة بالتطهير ظهر كل جمعة، طالما بقي فيها انتهازي من هذه الشريحة الطفيلية المتسلقة التي تقتات على دم الناس مثل ذبابة الخيل التي تتمتع باسوأ سمعة بين الحشرات الضارة،لان لدغتها تسبب الآماً شديدة الحساسية ،وتترك اثاراً نزفية عميقة، لحاجتها الى كمية كبيرة من الدم.لذا يجب مكاشفة كل واحد من هذا الصنف الرديء في وجهه :انت أَكْذَبُ من مسيلمة،وأَشّدُ اذىً من ذبابة.