العالم الثالث ... ووجهات النظر
في السابق كنت أتسأل لماذا تعد بعض دول العالم بما فيها الدول العربية من العالم الثالث ؟ وقد كان يخطر على ذهني بأن الجواب هو بسبب أننا لم نلحق بركب المدنية المعاصرة وعدم قدرتنا على مواكبة التطور التكنولوجي الغربي نعم هذا سبب من الأسباب بلا شك لكن في الواقع أن هناك أسباب أخرى منها أن من ميزة الشعوب العربية أنها شعوب عاطفية حيث تحتل العاطفة فيها النصيب الأكبر في الحكم على المواقف والأشخاص
فالقليل منا يحكم عقله قبل عاطفته عند الحكم على الأحداث والقليل منا من يحترم وجهة نظر مخالفه حيث نجد أن البعض يسارع إلى الحكم على الأشخاص أو المواقف سلباً أو إيجاباً دون تأمل وقد يعمي بصره بعد ذلك فلا يتقبل أي رأي لمخالف أو أي نقد لشخصية يدافع عنها ومع أنه لا بأس بأن يكون للإنسان رأيه الخاص الذي يدافع عنه إلا أن ذلك يجب أن يكون بالحجة والبرهان دون تعصب أو تحجر وكذلك لا مانع من أن يدافع المرء عن شخص لكن على أن يكون ذلك بالمنطق ودون إسباغ العصمة عليه فلا عصمة إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام طبعاً أنا لا أمدح الحضارة الغربية على حساب الحضارة العربية الإسلامية
فنحن متقدمون دينياً وأخلاقياً على الغرب بل ومن أبناء الأمة الإسلامية من يساهم اليوم في التطور الحضاري الغربي الذي تعيشه أوروبا وأمريكا مع عدم إغفال أننا ساهمنا في القرون الوسطى في تقدم البشرية لكن المحزن أننا في مجتمعاتنا العربية المعاصرة لا نطبق ما جاء به ديننا الحنيف بشكل جيد فهو من علمنا احترام وجهات النظر ما دامت تنصب في إطار الاجتهاد الشخصي الذي يسعى فيه صاحبه إلى الحق وخدمة الأمة ومع ذلك فالبعض منا في زماننا أصبح يقدم نفسه على أنه الحق المطلق ومن خالفه على أنه باطل مطلق وينسى مقولة الإمام الشافعي العظيمة : رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيي غيري خطأ يحتمل الصواب
فما دام أن بعضاً منا ينطلق في حكمه على الأحداث والأشخاص من منطلق العاطفة ومن قانون إن لم تكن معي فأنت ضدي فإن العالم العربي سيبقى في غيهب العالم الثالث فالذي أرجوه هو أن نتخلص من هذه السلبية وأن لا نناصب لبعضنا العداوة والبغضاء كوننا نختلف في وجهات النظر فكلنا لديه الحرص على الأمة الإسلامية لكن بصور مختلفة فليس منا من يقف مع عدو للأمة والفيصل بيننا في النهاية هو مصلحة الأمة ...