معركة المال السياسي في الانتخابات القادمة

تم نشره الأحد 21st تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:19 صباحاً
معركة المال السياسي في الانتخابات القادمة
د.باسم الطويسي


سلسلة التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء تدلل على حسن النوايا الرسمية بعدم التورط هذه المرة بالتدخل في الانتخابات القادمة. ثمة إدراك رسمي واضح أن تزوير الانتخابات القادمة سيكون انتحارا سياسيا لمستقبل الإصلاح والحياة البرلمانية، لذا وإلى هذا الوقت، تؤخذ وعود الرئيس على محمل الجد، فلن يكون للدولة وأجهزتها مرشحون، ولن تدخل بشكل مباشر في توجيه الانتخابات، ما يجعل معركة الانتخابات القادمة هي معركة المال السياسي بامتياز، وما يجعل اختبار النزاهة الفعلي للانتخابات يتجه صوب المال السياسي وتزوير الإرادة الشعبية قبل الاعتبارات الأخرى.


  مع تردد الاخبارعن بدء بعض القوى السياسية والاجتماعية باستمزاج الآراء لتشكيل قوائم وطنية وفق مقتضى القانون، برز الصوت الأبرز لقوائم يدعمها رجال أعمال وسياسيون خلافيون يقف خلفهم سيل من المال السياسي الذي بدأ بالتحرك في طول البلاد وعرضها. وقبل انتهاء عملية التسجيل ترددت أنباء موثوقة عن قيام أفراد باحتجاز آلاف البطاقات الانتخابية لمواطنين. ومع انتهاء التسجيل وتحديد موعد الانتخابات أخذ المئات من المرشحين المحتملين بالتحرك في عشرات المدن بحثا عن  أصوات وبحضور واضح للأساليب الملتوية التي مورست في الانتخابات السابقة.


 ثمة سوق لشراء الأصوات بدأت ملامحها تتشكل، تقودها منافسة حادة على من يدفع أكثر ومن هو محمي أكثر. وتشير بعض التقديرات غير الموثّقة أن الحملة الانتخابية القادمة سيصرف فيها من المال السياسي ما يتجاوز نصف مليار دينار، وستكون معركة تكاسر بين نخب حكومية متقاعدة ورجال أعمال؛ عنوانها الأبرز ضمان إغلاق ملفات الفساد، فالحديث يدورعلانية اليوم على من سيكون له نواب أكثر في المجلس القادم.


لم توفر التشريعات الجديدة ضمانات واضحة وجادة لدرء خطر المال السياسي قي العملية الانتخابية، ولا يوجد تعريف قانوني واضح لملاحقته والحد من انتشاره، فقد أظهر التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2011 الضعف الشديد في التشريعات الاردنية في مجال التمويل السياسي، حيث 67 % من التشريعات ذات الصلة بالتمويل السياسي حصلت على درجة ضعيف، كما أن التشريعات الجديدة التي لم تختبر تعاني من مظاهر متعددة من الضعف الذي قد يتسرب منه المال السياسي أو يكرس عدم مراعاة العدالة الانتخابية.


المال السياسي يتحرك بسرعة أكبر مما تتصور الهيئة المستقلة وأكثر أثرا من وعود ووعيد الرئيس، ما يجعل مهمة التصدي للمال السياسي الذي يهدد بإفساد الانتخابات القادمة معركة حقيقية لا وقت للتكتيك والتأني فيها، وتحتاج ضربات حاسمة خلال الأسابيع الثلاثة القادمة.


المسألة لا تقف عند سلوك وإجراءات للهيئة المستقلة، بل هي مسؤولية الدولة ثم المجتمع. على الهيئة أن تشتغل خلال أيام قليلة على إصدار تعليمات تنفيذية محددة وواضحة حول المال السياسي.


  تحتاج معركة نزاهة الانتخابات والتصدي للمال السياسي أن تشكل الأجهزة الأمنية فرقا لتتبع مروجي شراء الذمم وتقديمهم للعدالة، تحتاج الأجهزة الأمنية أن تستثمر هذه الفرصة كي تستعيد ثقة الناس باعتبارها حامية لنزاهة الانتخابات، لا متورطة في تزويرها. تحتاج الهيئة المستقلة بموجب قانونها أن تصدر تعليمات أخرى لسلوك وسائل الإعلام في الحملة الانتخابية، في الوقت الذي بات يتردد أن البعض قبضوا وقضي الأمر، وتحتاج الهيئة المستقلة ان تدعم تحالفا مدنيا آخر لمراقبة المال السياسي فقط، وتحتاج الهيئة أن تطلق مرصدا وطنيا مستقلا للتبليغ عن شكاوى الابتزاز بالمال السياسي. وقبل كل ذلك يحتاج المجتمع أن يرى على الأرض سلوكا جادا ورادعا في تأديب هذه الفئة قبل أن تغتال الانتخابات وأشياء أخرى.

( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات