مراجعة ملف التخاصية

ستشكل الحكومة لجنة من الخبراء المستقلين لدراسة ملفات التخاصية ، وإبداء الرأي الفني في إيجابياتها وسلبياتها ، وما إذا كان قد شابها فساد.
هذه الخطوة لا تعني التشكيك في سلامة عمليات التخاصية بقدر ما تعني أهمية إقفال هذا الملف نهائياً ، فلا يظل محل أخذ ورد من قبل جهات هدفها التشويش.
عمليات التخاصية خضعت فعلاً للدراسة والتقييم ، وتحديد النتائج إيجاباً وسلباً من وجهات نظر الخزينة والمساهمين والعاملين والاقتصاد الوطني عموماً ومؤشراته المالية والتجارية. وهناك تقارير عديدة لجهات مؤهلة محلية وأجنبية يستطيع ذوو العلاقة أن يطلبوها من وزارة التخطيط ، بل إن بعض النتائج واضحة ولا تحتمل النقاش ، خاصة فيما يتعلق بقطاعي الاتصالات والتعدين ، اللذين حققا في ظل التخاصية قفزة نوعية.
لم تتم عمليات التخاصية وراء أبواب مغلقة ، بل تمت بموجب قانون التخاصية ، وأخذ التطبيق عدة سنوات من الدرس والتفاوض ، وتمت الاستعانة ببيوت خبرة عالمية لاغراض التقييم والتسويق ، وكانت خاضعة للنقاش العام بحرية كاملة ، فأيدها الاقتصاديون وعارضها العقائديون ، ثم أخذت القرارات من الجهات المختصة.
ولم تكن التخاصية نزوة عابرة ، بل تمت على أيدي عدة حكومات متعاقبة ، وهي جزء من اتجاه عالمي شمل دولاً اشتراكية مثل الصين الشعبية. كما كانت جزءاً من برنامج التصحيح الاقتصادي الذي حقق غرضه بالخروج من الأزمة المالية التي عانى منها الأردن في ظل القطاع العام الحاضن الاساسي للفساد وسوء الإدارة.
في الظروف الراهنة يجد البعض فرصة سانحة لنبش الماضي وإظهار الحكمة بأثر رجعي ، وهم يناقشون اجتهاد المسؤولين في حينه ولا يأخذون بالاعتبار أن الحكم يجب أن يكون على ضوء المعلومات المتوفرة في حينه.
يقال مثلاً أن الشركات بيعت بتراب المصا
ري ، بدلالة أن سعر السهم تضاعف عدة مرات ، فهل كان على المسؤول معرفة اتجاهات الأسعار المستقبلية ، علمأً بأن ارتفاع أسعار الأسهم يعود لسببين أولهما كفاءة الإدارة الجديدة والثاني ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات.
في المقابل كان سهم الإسمنت يتداول بسعر 8ر1 دينار ، وقد تم بيع أسهم الحكومة بسعر 6ر3 دينار ، وارتفع السعر في السنوات اللاحقة إلى 12 ديناراً فقرر المعارضون أن تخاصية الإسمنت كانت قراراً خاطئاً ، والآن انخفض سعر السهم إلى أقل من 5ر1 دينار ، فهل صارت تخاصية الإسمنت قراراً موفقاً.
التخاصية اقتصرت على قسم من أسهم الحكومة ، لكن أرباح الحكومة اليوم تفوق أرباح الشركة بأكملها قبل التخاصية!.
(الرأي )