الأخلاق والقدوة الحسنة
الأخلاق هي شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية للشعوب ، لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين وهي السجايا والطباع والأحوال الباطنة التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاته .
تختلف المسؤولية القانونية على المسؤولية الأخلاقية باختلاف أبعادهما، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، لكن المسؤولية الأخلاقية فهي أوسع واشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان بخالقه وبنفسه وبغيره، فهي مسؤولية ذاتية أمام ربه والضمير. أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به، وتنفذها سلطة خارجية من قضاة، رجال امن ونيابة، وسجون. أما المسؤولية الأخلاقية فهي ثابتة ولا تتغير، وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير الإنسان الذي هو سلطته .
والقدوةالحسنة تعني أن يكون المربي أو الداعي مثالا يحتذى به في أفعاله وتصرفاته، وقد أشاد القرآن الكريم بهذه الوسيلة فقال عز من قائل: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } [الممتحنة: 4]، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم – ولا يزال- قدوة للمسلمين جميعًا، والقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للإسلام بكل ما يحمله من مبادئ وقيم تدعو إلى الخير وتحث على الفضيلة .
ولأثر القدوة في عملية التربية، وخاصة في مجال الاتجاهات والقيم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين طبقًا لما نص عليه القرآن الكريم، وقد استطاع بفضل تلك القدوة أن يحمل معاصريه قيم الإسلام وتعاليمه وأحكامه، لا بالأقوال فقط، وإنما بالسلوك الواقعي الحي، وقد حرصوا على تتبع صفاته وحركاته، ورصدها والعمل بها، وما ذلك إلا حرصًا منهم على تمثل أفعاله صلى الله عليه وسلم، لقد كان المثل الأعلى لهم .
وقد تمثلت في الرسول صلى الله عليه وسلم صفات جليلة جعلت منه قدوة بالفعل .وقال الله تعالى في القرآن بحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .
والقدوة الحسنة هي المثال الواقعي للسلوك الخلقي الأمثل، وهذا المثال الواقعي قد يكون مثالًا حسيًا مشاهدًا ملموسًا يقتدي به، وقد يكون مثالًا حاضرًا في الذهن بأخباره، وسيره، وصورة مرتسمة في النفس بما أثر عنه من سير، وقصص، وأنباء من أقوال أو أفعال
والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين، وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة.
قال الله تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب:
ثم إن كل عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قَلَّت هذه الطائفة أو كثرت، فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ) .
وروى الإمام مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )) .
وروى البخاري ومسلم عن معاوية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ).
ان صفات القدوه الصالحه عديده ويصعب حصرها فمنها : ذا مؤهلات وصفات مؤثرة ، اقتران القول بالعمل ، للبعد عن التناقض بين السلوك والمنطق . العمل على السجبه وعدم التكلف بالعمل ، فكلما كانت القدوه تتصرف بوحى من ثقتها بنفسها وايمانها دون تصنع ولا تكلف ولا تمثيل ، جذب ذلك الانظار اليها ، فالقول الحسن لدى القدوه ينساب كالماء من الينبوع بعفويه وتلقائيه، والفعل يصدر عنها كما يصدر شعاع الشمس ، وكالعطر من الورد ، قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم .
ومن صفات القدوة أيضا ،الثبات على المبادئ ، مع الإعتراف بالخطأ ، والعمل على تصحيحه .